جلس العلاقات الخارجية CFR هو أحد هذه المؤسسات؛ فهو منظمة أمريكية غير ربحية، وغير خاضعة لحزب بعينه.. يتم اعتبار المجلس كمركز فكري ضخم

مجلس العلاقات الخارجية CFR | ماذا تعرف عن الصانع الحقيقي للسياسة الخارجية الأمريكية؟!

 (بقلم / سيرجي كوربوف)

مقر مجلس العلاقات الخارجية

هذه المؤسسات المؤثرة صاحبة الفضل في تكوين النخب السياسية الأمريكية التي ضمنت تلك السيطرة الناعمة على الكوكب بأسره

للولايات المتحدة الأمريكية الكثير من الوسائل والطرق للسيطرة والاستحواذ على موقعها المنفرد في صدارة العالم.. فمؤسساتها المؤثرة وتعقيد نظامها السياسي مكَّناها من استقطاب آلاف العلماء والسياسيين والناشرين والصحفيين ورجال الأعمال والاقتصاد وزعماء الدول وأعضاء حكوماتها؛ وذلك للعمل على سحق أي إرادة أو مقاومة أو منظومة قِيَمية تعارض مصالحها..

هذه المؤسسات المؤثرة صاحبة الفضل في تكوين النخب السياسية الأمريكية التي ضمنت تلك السيطرة الناعمة على الكوكب بأسره، مع تحديد قِيَمه ومعتقداته، والتحكم في سياساته واقتصاده وثقافة شعوبه..

مجلس العلاقات الخارجية CFR هو أحد هذه المؤسسات؛ فهو منظمة أمريكية غير ربحية، وغير خاضعة لحزب بعينه..

يتم اعتبار المجلس كمركز فكري ضخم تخصصه الرئيسي السياسة الخارجية والدولية..

مجلس العلاقات الخارجية هو المسئول أيضا عن نشر جريدة Foreign Affairs الشهيرة، كما يدير مركز فكري آخر تحت اسم (برنامج دافيد روكفيلر للدراسات David Rockefeller Studies Program)..

شعار ال Foreign Affairs

هذا البرنامج يؤثر بشكل ضخم في السياسة الخارجية الأمريكية، لأنه يقدم توصيات مستمرة لمؤسسة الرئاسة (مهما كان اسم الرئيس).. كما أن أعضاءه يكونون على موعد مع كثير من الشهادات والاستجوابات في الكونجرس..

يقوم برنامج (دافيد روكفيلر) بنشر كتب وتقارير ومقالات وأبحاث ودراسات خاصة بقضايا السياسة الخارجية.

يُنظِّم مجلس العلاقات الخارجية اجتماعات دورية يتقابل أعضاؤه فيها مع كبار رجال الإدارة السياسية الحاكمة، وكبار رجال الأعمال في العالم، وكثير من المؤثرين في عالم الاستخبارات والسياسة الخارجية والقضايا الدولية الكبرى..

 مجلس العلاقات الخارجية استطاع فرض اسم الداهية "هنري كيسنجر" على الأوساط السياسية؛ وذلك بعدما تم اختياره (داخل المجلس) كرئيس لمشروع الأسلحة النووية والسياسة الخارجية

مجلس العلاقات الخارجية كان له دور كبير جدا في حسم الحرب الباردة لصالح الأمريكان.. فـ "جورج كينان" عضو مجموعة الدراسات بالمجلس صاغ مصطلح ومفهوم (الإحتواء Containment)، والذي تم استخدامه كسياسة فعَّالة في محاربة الشيوعية حتى انهيارها تماما..

جورج كينان

مجموعة الدراسات التابعة للمجلس استطاعت أيضا أن تضع أُطُر خطة (مارشال)، كم أن تأسيس الناتو كان بناء على واحدة من دراساتهم.

مجلس العلاقات الخارجية استطاع فرض اسم الداهية "هنري كيسنجر" على الأوساط السياسية؛ وذلك بعدما تم اختياره (داخل المجلس) كرئيس لمشروع الأسلحة النووية والسياسة الخارجية.. حينها اشتغل "كيسنجر" بمنتهى الجد على هذا المشروع حتى طبع له مركز الدراسات خلاصة أبحاثه ودراساته في كتاب حقق مبيعات خرافية.

في الفترة ما بين 1964م و 1968م؛ عمل "كيسنجر" على مشروع العلاقات الأمريكية الصينية، واستمر في نشر

رؤيته في ال Foreign Affairs، حتى تم تعيينه في إدارة الرئيس الأمريكي "ريتشارد نيكسون" كمستشار للأمن القومي.. كان ذلك في العام 1969م..

هنري كيسنجر

وفي عام 1971 زار "كيسنجر" الصين بشكل سري، فمهَّد بزيارته هذه لزيارة أخرى قام بيها "نيكسون" نفسه عام 1972م.. لكن في عهد الرئيس "جيمي كارتر" تم تطبيع العلاقات تماما بين البلدين؛ وذلك بعد مجهود كبير قام به "سايروس فانس" وزير الخارجية الأمريكي، والذي كان عضوا في مجلس العلاقات الخارجية أيضا.

 أعضاء مجلس العلاقات الخارجية شكَّلوا أكثر من 50% الأعضاء من بين 502 هم كبار موظفي الإدارة الأمريكية في تلك الفترة

مجلس العلاقات الخارجية يرجع له الفضل في تطوير مصطلح ومفهوم وآليات (العولمة Globalization)، و(التجارة الحرة Free Trade)، واستطاع تخفيض التنظيمات المالية المفروضة على الشركات العابرة للقارات (وذلك من أجل تسهيل اختراقها لأي بنية اقتصادية في العالم)، كما استطاع أيضا تطوير مفهوم (الاندماج الاقتصادي)؛ فحوَّله لاندماج مبني على كتل إقليمية؛ وقد أدى هذا لظهور (النافتا NAFTA) والاتحاد الأوروبي (تخيلوا!!).

يُمثِّل أعضاء مجلس العلاقات الخارجية نسبة كبيرة من كبار موظفي الدولة في أغلب الإدارات؛ وحدث ذلك في الفترة ما بين 1945م و1972م..

أعضاء مجلس العلاقات الخارجية شكَّلوا أكثر من 50% الأعضاء من بين 502 هم كبار موظفي الإدارة الأمريكية في تلك الفترة..

 

بعض من أعضاء مجلس العلاقات الخارجية:

"دافيد روكفيلر"

شغل منصب المدير الشرفي لمجلس العلاقات الخارجية فترة طويلة قبل وفاته في 2017م عن عمر يناهز 102 سنة.

دافيد روكفيلر

"روبرت روبين"

يهودي.. رئيس مجلس الإدارة؛ شغل منصب وزير الخزانة في إدارة "بيل كلينتون"، كما أنه رئيس مجل إدارة سيتي جروب CITIGROUP.

"ريتشارد ناثان هاس"

يهودي.. الرئيس التنفيذي؛ كان مدير التخطيط السياسي في وزارة الخارجية الأمريكية، ومستشارا لوزير الخارجية "كولن باول"؛ عمل مساعدا خاصا لـ "جورج بوش الأب"، ومدير لشئون الشرق الأدنى وجنوب آسيا في مجلس الأمن الوطني، وزميل في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، وحصل على الميدالية الرئاسية لمساعدته في تفسير السياسة الأمريكية في عمليات درع الصحراء وعاصفة الصحراء إبان حرب الخليج، كما أنه زميل باحث في المؤسسة الدولية للدراسات الاستراتيجية.

"جون أبي زيد"

رئيس الأركان السابق للقيادة المركزية للجيش الأمريكي (السنتكوم)؛ وهي فرع القوات المسلحة المُهيمن على منطقة الشرق الأوسط.

جون أبي زيد

"بيتر آكرمان"

رجل أعمال، ومؤسس (المركز الدولي للصراع الغير عنيف International Center of Nonviolent Conflict).

"فؤاد عجمي"

شيعي ذو أصول لبنانية؛ عمل مستشارا لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة "كوندليزا رايس".

"مادلين أولبرايت"

وزيرة الخارجية السابقة للولايات المتحدة.

مادلين أولبرايت

"كينيث دوبرشتاين"

يهودي؛ وهو كبير موظفي البيت الأبيض في إدارة "رونالد ريجان".

"دونا جين هريناك"

عملت كسفيرة للولايات المتحدة في البرازيل، ورئيسة لشركة (بوينج) في البرازيل.

"جامي ميسيك"

نائبة مدير السي آي إيه للاستخبارات سابقا؛ وعملت بعد تركها لوكالة الاستخبارات رئيسة لمؤسسة (كيسنجر أسوشييتس Kissinger Associates)، وعينها "باراك أوباما" في 2009م في الجلس الاستشاري الرئاسي للاستخبارات.

"جوزيف ناي"

عالم ومفكر سياسي؛ قام بتطوير نظرية الليبرالية الجديدة (النيوليبرالية)، كما طور العديد من المفاهيم السياسية الأخرى.

"بيتر بيترسون"

رجل أعمال ومصرفي؛ عمل وزيرا للخزانة في إدارة "نيكسون".. وتولى رئاسة مجلس العلاقات الخارجية في الفترة بين 1985م و2007م.

"كولن باول"

عمل كرئيس أركان للجيش الأمريكي، ورئيس هيئة أركان الحرب المشتركة، ومستشارا للأمن القومي، ووزير للخارجية..

كولن باول

كما أن هناك شركات وبنوك ومؤسسات مساهمة في مجلس العلاقات الخارجية، وتحمل عضويته؛ مثل:

بنك أوف أمريكا – شركة شيفرون – شركة إكسون موبيل – شركة هيس – مؤسسة جي بي مورجان – مجموعة ناسداك – أمريكان إكسبريس – بنك باركليز – مؤسسة بلومبيرج – سيتي جروب – شركة كوكاكولا – كريدي سويس – شركة Dell – شركة لازارد (المستشار الاقتصادي للحكومة المصرية) – ماكجرو هيل – شركة موديز – مورجان ستانلي – شركة شل – ستاندارد تشارتارد بنك – تويوتا موتورز أمريكا الشمالية.

هناك شركات ومؤسسات تحمل عضوية مميزة في مجلس العلاقات الخارجية؛ مثل:

شركة إيرباص – إدارة أبوللو – المجموعة الأمريكية الدولية – شركة خدمات أرامكو – بنك أوف نيويورك – شركة بوينج – بنك كريدي أجريكول – مجموعة إنتليجنس للطاقة – شركة فيديكس FedEx – جلاكسو سميث كلاين – جنرال إليكتريك – جوجل – هيتاتشي المحدودة – مايكروسوفت – ميتسوبيشي (أمريكا) – شركة فايزر – مؤسسة روتشيلد أمريكا الشمالية – مؤسسة ستاندارد آند بورز – مجموعة تاتا – تومسون رويترز – غرفة التجارة الأمريكية – مجموعة فولكس فاجن الأمريكية – وول مارت – زيروكس.

 

يتضح مما سبق أن هناك الكثير من المؤسسات والشركات والمجموعات الاقتصادية التي تتحكم في السياسات الأمريكية (وبالتبعية العالمية)، عن طريق سياسيين ومصرفيين ورجال وكُتَّاب وأكاديميين، يتم وضعهم في مجلس العلاقات الخارجية.. لذا؛ يمكننا تصديق من يقول أن مجلس العلاقات الخارجية هو الواجهة التي يضعها حُكَّام العالم الفعليون.

لقراءة المقال من المصدر - اضغط هنا