تسببت هذه السيرة الذاتية بإثارة الرأي العام الشعبي الفرنسي؛ مما أدى إلى إغلاق هذا السجن نهائيا عام 1965، وتحوَّل إلى مزار سياحي
فيلم بابليون ((papillon | السعي إلى الحرية
![]() |
بوستر فيلم papillon |
نبذة تاريخية
إذا سألت أي مُحب للسينما عن أفضل أداء تمثيلي رآه يوماً ما، ربما يخبرك بأداء "مارلون براندو" في فيلم العراب، وربما يخبرك شخص آخر بدور "روبرت دي نيرو" في فيلم سائق التاكسي، لكن لن يتحدث أحد عن دور الراحل العبقري "ستيف ماكوين" في فيلم بابليون (papillon).
فيلم بابليون(papillon) هو من إنتاج العام 1973، ومن إخراج "فرانكلين تشافيز"، وبطولة المبدعين "ستيف ماكوين" و"داستن هوفمن".
أُقتبس هذا الفيلم من رواية بنفس الإسم لـ"هنري شاريير"، وهي السيرة الذاتية للكاتب عندما كان أسيرا في أحد السجون الفرنسية في دولة (غينيا).
هذا السجن يدعى بـ(جزيرة الشيطان)؛ تعبيراً عن قسوة الحياة والوحشية المرعبة التي تعرَّض لها السجناء.. فهي عبارة عن هضبة ضخمة بمساحة 35 فدان، بارتفاع 19 متر فوق سطح البحر.
حسناً تسببت
هذه السيرة الذاتية بإثارة الرأي العام الشعبي الفرنسي؛ مما أدى إلى إغلاق هذا
السجن نهائيا عام 1965، وتحوَّل إلى مزار سياحي يُقبل عليه أكثر من خمسين ألف سائح
سنوياً.
تم تحويل هذه الرواية إلى فيلم سينمائي للمرة الأولى عام 1973، وكان من الإبداع والعبقرية الكافية لتحويل مأساة هذا السجن إلى أثر عالمي، لن يشاهده أحد إلا ويترك في نفسه أثراُ عميقاً، وإحساساً بالمرارة قد يدفعك للبكاء، وربما يزورك في كوابيسك ليلاً.. فهو عمل لن تنساه أبدا إذا شاهدته ولن تنسى أبداً أداء "ستيفن ماكوين".
قرأت ذات مرة في رواية (الخلود) للكاتب العبقري "ميلان كونديرا" تعريفاً لقوة الفن، وهو قدرته الإشعاعية للمرور والانتقال عبر الزمن والأجيال دون أن يفقد بريقه..
هناك أفلام
تُحقق الكثير من الإيرادات ولكنها لا تبقى في الذاكرة كثيرا، وهناك أفلام تحصد
الجوائز لا نذكرها إلا عند حديثنا عن الجائزة فقط.. وهناك نوع أخر من الأفلام لا
يحقق الكثير من الإيرادات ولا يفوز بالجوائز، لكنه يترك أثراً عميقاً في نفس
المشاهد لا ينساه أبداً مثل فيلم (الخلاص من شاوشانك) والفيلم الذي نتحدث عنه
بابليون (papillon). أظن أن "كونديرا" كان يقصد مثل
هذا النوع من السينما عندما تحدث عن الفن.
اقرأ أيضا: أصفر | مخلل ما بعد الحداثة
قصة الفيلم
تبدأ الأحداث عام 1931 بفرنسا عندما أتُهم
"هنري بابليون" بارتكاب جريمة قتل ظلمًا والحُكم عليه بالسجن مدى الحياة
بجزيرة غينيا التابعة لفرنسا آنذاك.
يتم ترحيل بابليون "ستيف ماكوين" على ظهر سفينة حيث يقابل ويتعرف على المزور المحترف لويس ديجا "داستن هوفمان" وتنعقد بينهما أواصر الصداقة والاتفاق على الهرب منذ اليوم الأول.
![]() |
ستيف ماكوين وداستن هوفمان |
يحاول بابليون "ستيف ماكوين" الهرب ولكنها تنتهي بإلقاؤه في الحبس الإنفرادي مدة سنتين قاسيتين قدم المخرج خلالها أبرع مشاهد تجسد معاناة الحبس الإنفرادي وتأثيره على قوى الإنسان العقلية؛ إلا أنَّ بابليون يستطيع الخروج على قيد الحياة بفضل روحه القوية وتشوقه للحرية.
يخرج بابليون من الحبس الإنفرادي ليلتفي بصديقه القديم مرة أخرى "داستن هوفمان"، ويقرران الهرب مرة أخرى، وبالفعل ينجحان بالهروب وقطع مسافة كبيرة خارج أراضي السجن؛ إلا أنَّ الفشل كان نصيبهما في النهاية ويتم إلقاء القبض عليهما مرة أخرى.
هذه المرة يُحكم عليهما بالحبس الإنفرادي مدة خمس سنوات؛ أظهر فيها المخرج أيضًا براعته الشديدة في تجسيد المأساة دون تكرار ما حدث في مشاهد الحبس الأول.
بعد انقضاء
مدة الحبس يتم ترحيل بابليون "ستيف ماكوين" لقضاء عقوبته على جزيرة
مرتفعة يحاوطها البحر وأسماك القرش من كل جانب.
يلتقي
بابليون بصديقه مرة أخرى صدفة على هذه الجزيرة وقد فقد قواه العقلية واستسلم
تمامًا لمصيره، يحاول بابليون اقناعه بالهرب مرة أخرى ولكنه يرفض.
يصنع بابليون عوامة من كيس ضخم مملوء بشتى الأشياء التي تضمن له الطفو فوق سطح المياه ويقفز من فوق الجبل لتستقبله الأمواج رغم سنه الذي جاوز السبعين خريفا..
الكلام وحده
لا يكفي عن هذا الفيلم.. فهو تجربة متكاملة ومزيج عميق تتداخل فيه قوة السيناريو
مع الموسيقى التصويرية وإبداع المخرج والممثلين.. تجربة لا يمكن الشعور بها بمجرد
القراءة عنها وأنصح كل محب للسينما بمشاهدة هذا الفيلم.
COMMENTS