كانت الأسرة قديما تمارس دورها على أكمل وجه لخدمة المجتمع والنهوض به، ونلاحظ أن أول سمات انهيار أي حضارة يبدأ من تفكك الأسرة

‏كيف تهدم الأسرة في خطوات بسيطة؟!

 (بقلم / الست الشريرة)

الأب والأم؛ هما المحركان الأساسيان للأبناء، والباعث المهم في تكوين شخصية هؤلاء الأبناء من الأولاد والبنات

الأسرة هي النواة الأولى والرئيسية في تشكيل هوية المجتمع، وهي اللاعب الرئيسي في هذا الموضوع.. والأسرة بطبيعة الحال مكونة من ثلاثة أطراف؛ هم: الأب والأم والأبناء..

الطرفان الرئيسيان: الأب والأم؛ هما المحركان الأساسيان للأبناء، والباعث المهم في تكوين شخصية هؤلاء الأبناء من الأولاد والبنات، ويصبح لكل من الوالدين؛ أي الأب والأم دوره المهم المنوط به في توجيه الأبناء وتعليمهم وإرشادهم نحو الصواب، والأخذ بيدهم في الاتجاه الصحيح·

من هنا نفهم ان للنهوض وتحقيق اي تنمية يجب الاهتمام بنواته أو أساسه (الأسرة)؛ والعكس صحيح .

كانت الأسرة قديما تمارس دورها على أكمل وجه لخدمة المجتمع والنهوض به، ونلاحظ أن أول سمات انهيار أي حضارة يبدأ من تفكك الأسرة.. وهذا ماحرص عليه المُستعمر الجديد..

بدأ المُستعمِر التفكيك عن طريق الإعلام والثقافة والتعليم، وبث قضايا المرأة  بشكل يؤدي للهدم في الأساس، ونشر السموم الاجتماعية بشكل غير مباشر من خلال أعوانه في كافة المجالات، وإثارة قضايا من شأنها خلخلة السلام الأُسَري؛ بل هدم الأسرة برمتها.

فلفظ (السُلطة) له وقع سيء على الآذان؛ عكس لقب (رب الأسرة) الذي يحمل في طيَّاته معاني سامية

سنتحدث هنا عن دور الأب، وكيف تمت محاولات تهميشه داخل الأسرة.. فالأب هو الركيزة الأساسية داخل أسرته، وبعد ماكان يُطلَق عليه (رب الأسرة) تم تشويه اللقب، وتحول لسُلطة أبوية الغرض منها إظهار ممارسات الأب الظالمة داخل أسرته.. فلفظ (السُلطة) له وقع سيء على الآذان؛ عكس لقب (رب الأسرة) الذي يحمل في طيَّاته معاني سامية؛ كالحنان وتحمل المسؤولية والرعاية.

كانت السينما المصرية قديما تهتم بتقديم النموذج المثالي للأسرة المصرية على كافة المستويات الاجتماعية، وقدَّمت مُعالَجات كثيرة ومختلفة لمشكلات الأسرة، وإبراز دور الأب في حياة أبنائه وأسرته.. كذلك تقديم النماذج السيئة والنتائج المُتَرتِّبة عند إهمال الأب دوره داخل أسرته؛ مثل فيلم (أيام وليالي) لـ "عبد الحليم حافظ"، وكيف أن إهمال الأب (محمود المليجي) مسؤولياته كان سيؤدي لضياع ابنه.

جاحدٌ من يُنكر دور الأم داخل الأسرة.. لكن دور الأب لايقل أهمية إطلاقا.. فالإثنان في نفس درجة الأهمية

وأذكُر مَنْع الرقابة لعرض مسرحية (مدرسة المشاغبين)؛ بسبب تقديم نماذج لسلوك غير لائق للطلَبة لاتَصِح أن تُعرَض على الأسرة.

وقد تم التركيز على دور الأم وإبرازه بشكل مبالغ فيه، وجعلوا لها عيدا خاصا بها (عيد الأم)، والذي أصبح عبئا على بعض الأسر في الوقت الحالي.

جاحدٌ من يُنكر دور الأم داخل الأسرة.. لكن دور الأب لايقل أهمية إطلاقا.. فالإثنان في نفس درجة الأهمية..

أيضا عملت بعض الجمعيات النسويَّة على تحطيم صورة الأب وتهميش دوره؛ من خلال دعوات حقوق المرأة، والمرأة المُعتَمِدة على نفسها (Strong Independent Woman).

واقتصر  دور الأب على توفير سُبُل العيْش في مُستوى اجتماعي مناسب يحقق الرفاهية للأبناء، وقد تضطر الأم لمشاركة الأب في الخروج للعمل.. فينشغل الاثنان عن الأبناء الذين لايجدون التوجيه المناسب لمواجهة التحديات التي يتعرضون لها؛ بقلة خبرتهم، وسذاجة تعاملهم مع المواقف المختلفة.

حتى وصل الأمر لتقديم نماذج تحرُّرية في الأعمال الدرامية تحُث الفتيات على ترْك منازلهن، والاستقلال بحياتهن بعيدا عن الأسرة

ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا)؛ والتي أصبحت نافذة مفتوحة على العالم كله، تسرَّبت إلينا عادات بعيدة كل البُعد عن قِيَمنا كمُسلمين وكشرقيين، وتهافَت الشباب على تقليد هذه العادات، فأصبح ما كان يُنكَر من سلوكيات من السهل تقبُّله حاليا.

حتى وصل الأمر لتقديم نماذج تحرُّرية في الأعمال الدرامية تحُث الفتيات على ترْك منازلهن، والاستقلال بحياتهن بعيدا عن الأسرة؛ مثل المجتمعات الغربية.

فكان من الضروري هدم دور الأب في مجتمعاتنا، وإظهاره بشكل سُلطوي محدود التفكير، يقف أمام تقدم أبنائه، وعَقَبة في طريقهم يجب إزالتها.

وللأسف؛ لقد تحقق نجاحا ملحوظا وكبيرا حتى الآن بسبب استخدام أدواتهم الهادمة بذكاء، فنجد انتشار الانحراف بين الشباب، وهروب البنات من منازلهن بحجة عُنف الأب.

فيضيع الأبناء في مُعترك الحياة؛ غير قادرين على مواجهة صعابها.

أتمنى أن نُعيد حساباتنا مرة أخرى، ونضع الأمور في نصابها الحقيقي، ونرجع لقِيم الإسلام، ويقوم كل فرد داخل أسرته بالدور المرسوم له.