حينما سُئل "دوكينز" عن أنَّ المثلية الجنسية لا يوجد لها سبب دارويني أو تطوري؛ شرع في رد مُطوَّل مبناه الأساسي وجود جين مسئول عن ذلك
العلم أقوى عقيدة زائفة (٢) | صانع الساعات المضحك
يستمر الحديث عن مبدأ «تراكمية العلم»، والقاعدة الملازمة له وهي أنَّه «لا مسلّمات فى العلم»، ولا يعني تكرار الحديث عن هذه المبادئ أنَّ وجودها مرفوض؛ بل الحديث عنها تقويم وهجوم على من سرق هذه المبادئ واستخدمها لفرض الأهواء الخاصة؛ فصار الأمر لدى جهات علمية ذائعة الصيت مجرد روتين مستخدم لما يشبه "الفلترة" لكل نشاط علمي مستقبلي، أمّا ما مضى فالحكم عليه حق أصيل وحصرى لما يتبادر فى أهداف علماء تلك الجهات.. فقط!
خمسون عاماً تقريباً، هى المدة التي تحوَّلت فيها المثلية الجنسية من تصنيف الاضطرابات النفسية، حسب الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين سنة ١٩٧٣؛ مروراً بنفس القرار سنة ١٩٩٠ من منظمة الصحة العالمية، حتَّى وصل بنا الأمر حالياً إلى اعتبار المثلية الجنسية أمر جيني
في ١٤ فبراير ٢٠١٩ نشرت "آنيه جينيفار" عضوة اللجنة الوطنية الفرنسية عبر حسابها على تويتر القرار الذى اعتمده البرلمان الفرنسي بحذف مفردتي "الأب والأم"، واستخدام مفردتي "الوالد ١والوالد٢" حفاظاً على المسار العام الداعم للمثليين جنسياً. وهذا أمر على دُعاة التطور الانزعاج منه لإنه يضرب فى صميم مبادئ الانتخاب والبقاء، فهل نرى منهم نقداً علمياً استغلالاً لمبدأ التراكمية؟! لا أظن إن فعلوا أو سيفعلوا ذلك، وسيستعرض الكَذَبة أقوالهم أنَّ الأمر مجرد تشريع قانوني وليس ورقة علمية منشورة مثلا.
ولستُ هنا بصدد الحديث عن المواقف الدينية أو العلمية أو السياسية فيما يخص
المثلية الجنسية، بل كل ما في الأمر هو "عرض" لمواقف علمية ظهر فيها
جلياً تجاهل مبدأ التراكمية، واستخدام السطوة السياسية المحكومة بالمفهوم
الدراويني في إقصاء من يقدم جهدا علمياً على غير النسق المراد ترويجه من قِبل بعض
القوى.
سبق وأن عرضنا نموذجين فى المقال الأول فيما يخص أرميتاج وكريمو، فلتراجع المقال للمزيد. أمَّا الحديث هنا فهو عن المواقف العلمية فى المثلية الجنسية.
خمسون عاماً تقريباً، هى المدة التي تحوَّلت فيها المثلية الجنسية من تصنيف الاضطرابات النفسية، حسب الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين سنة ١٩٧٣؛ مروراً بنفس القرار سنة ١٩٩٠ من منظمة الصحة العالمية، حتَّى وصل بنا الأمر حالياً إلى اعتبار المثلية الجنسية أمر جيني، ولا يجب حتى اعتباره أمر اختياري، بل وصل الأمر إلى اعتبار من يرفض المثلية الجنسية بسلوك حاد أنَّه "مريض نفسي" حسب دراسة لـ"إيمانويل جانيني"، أستاذ الجنس الطبي بجامعة روما سنة ٢٠١٥.. ياللوقاحة!
لكن ما أود عرضه هو نموذج معاكس، نموذج يدّعي -ولو تضليلا- وجود جين محدد للمثلية الجنسية، كيف سيعرض رأيه؟! وكيف سيتم تناول رأيه؟! وكيف سيتعامل هو مع معارضيه بشكل علمي؟!
على مدار هذه المدة خرجت أجنّة مشوهة في صورة أبحاث علمية؛ تزعم أنَّ أمر المثلية الجنسية مبني على وجود جين مُحدد لهذا الأمر، وأنَّه لا يجب النظر حتَّى للأقوال التى تقول باختيارية المثلية الجنسية، وأنَّ للإنسان حق الاختيار في هذا الشأن. المثير للسخرية في هذه المدة أنَّ محاولات أنصار الانتخاب الطبيعي كانت في عِداد النوادر، على الرغم من أنَّ اعتبار المثلية الجنسية أمر جيني يؤثر في بناء الهدف الأعظم -من وجهة نظرهم- لمسألة الانتخاب الطبيعى، وهو ديمومة الحياة على نحوأفضل.. عجيب هذا الموقف!
لم يكن يدري "وليام رايس" أستاذ الوراثة التطورية بجامعة
كاليفورنيا أنه سيلاقي كل ذلك الهجوم والانتقاد -الخارج عن الأطر العلمية-، لمجرد
رأي علمي أدلى به حينما قال: "نحن نعلم بأنَّ جين المثلية ليس موجوداً"،
ولكم أن تتصوروا ما يمكن أن يلاقيه من هجوم بعد هذا الرأي.
لكن ما أود عرضه هو نموذج معاكس،
نموذج يدّعي -ولو تضليلا- وجود جين محدد للمثلية الجنسية، كيف سيعرض رأيه؟! وكيف
سيتم تناول رأيه؟! وكيف سيتعامل هو مع معارضيه بشكل علمي؟!
الحديث في هذه النقطة عن أحد أهم منظِّري الإلحاد، وصاحب كتاب (صانع الساعات الأعمى) الذي يعرض فيه داروينيته الجديدة، الحديث عن "ريتشارد دوكينز"!!
![]() |
كتاب صانع الساعات الأعمى |
حينما سُئل "دوكينز" عن أنَّ المثلية الجنسية لا يوجد لها سبب
دارويني أو تطوري؛ شرع في رد مُطوَّل مبناه الأساسي وجود جين مسئول عن ذلك، دون أن
يتطرق للتصريح بإسم هذا الجين! لماذا؟! لأنه وببساطة لا توجد دراسة واحدة علمية
توضح إسم هذا الجين المُفترض، بل وصل بـ"دوكينز" إلى أن اعتمد وبشكل مُبهم
في حديثه على نتائج دراسات التواءم؛ مستغلاً
عدم اطلاع مستمعيه بشكل كافي على نتائج هذه الدراسات.
والسؤال هنا: على افتراض وجود جين
مسئول عن المثلية الجنسية؛ لماذا لم يتكفل الانتخاب الطبيعي بالقضاء على هذا
الجين؟!
هذا ما لن يجيب عنه "دوكينز" لأنَّ الإجابة -حتما- يجب أن تضمن
هدم صريح إمَّا لنظرية التطور أو منطق وجود جين مسئول عن المثلية الجنسية.
وعلى فرض وجود هذا الجين، فينبغي أن يكون هناك سؤال آخر.
هل يمكن للإنسان مواجهة الضغوط و التاثيرات الجينية؟! هذه الإجابة لها جانبين أحدهما علمي ويمكن البحث عنها، والأخر بديهي، يمكن استنباطه من الإجابة على السؤال التالى: هل كل طويل القامة مؤهل لأن يلعب كرة السلة؟!
أتمنى ألا تخرج علينا شركة (ريال بوتكس) يوماً ما بدراسة مفادها أنَّ هناك جين مسئول عن ميول البشرللمارسة الجنس مع الدُمى، وذلك ترويجاً للدمية "هارموني" المُخصصة للأغراض الجنسية، وألا يأتي علينا زمن يكون فيه الرافض ولو بشكل علمي لمضاجعة الدُمى؛ شخص مريض بخلل فى الجينات!
للمزيد يمكنك مراجعة كتاب الدكتور/ علاء السالم، بعنوان: المثلية الجنسية، بحث في السبب الماورائى عند الانسان
COMMENTS