كان تمويل "هتلر" يجري جزئيًّا من طرف المؤسسات الفرعية للشركات الأمريكية؛ بما فيها تبرعات "هنري فورد"، ومدفوعات مجموعة من الشركات الأمريكية آنفة الذكv
صناعة الأعداء والحروب الكبرى (1) | كيف تم تصعيد هتلر إلى السلطة؟!
(بقلم / مولانا العارف)
أدولف هتلر |
أسئلة بلا إجابة
تبدأ قصة صعود "هتلر" إلى السلطة في (المانيا)، وصعود النازية بعد نهاية الحرب العالمية الأولى وخروج (المانيا) مهزومة على يد قوات الحلفاء، لكن تناولنا للقصة سيكون من مكان بعيد جداً لم تراه عين من قبل لأنَّه من الأسرار المحجوبة عن العامة، ويتم تصدير قصص أخرى تليق بمستوى فهم الشعوب؛ التي تُقاد إلى الحروب كالخراف، وتليق بمستوى العقل الجمعي الذي شكلته الحكومات والنخب عبر عشرات السنين، أمَّا نحن فننظر للقصة من منظور واحد فقط هو: كيف لـ(المانيا) المنهارة المُمزَّقة في الحرب العالمية الأولى؛ أن تصل إلى تلك القوة في 30 سنة فقط من نهاية الحرب الأولى، لتدخل حرب ثانية أكبر وأقوى وأكثر تدميراً للبشرية، والتي كانت حصيلة ضحاياها تقارب 70 مليون إنسان! فكيف يحدث هذا؟! وكيف يسمح العالم المُنتصر بحدوث هذا؟! وأين كانوا من التحضير الالماني لهذه الحرب؟! وكيف لـ"هتلر" المدرس الذي لم يكن عسكرياً في يوما ما أن يقود مثل هذه الجيوش الجرَّارة التي اجتاحت
أوروبا واحتلت عواصمها التاريخية القديمة؟!
هذه هي الأسئلة
التي لابد أن تخطر على ذهنك وأنت تفكر في أمر الحرب العالمية الثانية و"هتلر"،
لا الأسئلة السخيفة المُكرَّرة عن أسباب الحرب ومن انتصر وما نتائجها؛ لأنها دائماً
ما تكون قاصرة لا توصلك إلى حقيقة الأمر، لذلك نطرح هنا رؤية جديدة معتمدين في ذلك
على أحد سلاسل الكتب الممنوعة من التداول، والتي صدرت منذ ما يقرب من نصف قرن لأحد
الباحثين الهامين دكتور "انتوني ساتون" الباحث في معهد هوفر والمنبثق من
جامعة هارفارد وسلسلة الكتب هي:
(الانتحار
الوطني، وول ستريت والبلشيفية، وول ستريت وصعود هتلر) و الأخير هو محور كلامنا في
هذا المقال.
إقرأ أيضاً: رجل بأمة | ماذا قدم عبد الرحمن السميط للإنسانية؟! وماذا قدمت فرنسا؟!
انتوني ساتون |
كيفية الصعود
تبدأ قصة صعود "هتلر"
مع بداية تمويل الاقتصاد الألماني المُتعثر
مع العام ١٩٢٢ وذلك عن طريق "هنري فورد"، الذي حاز على ميدالية الحزب النازي
الألماني في العام ١٩٣٨ على مساهمته في الاقتصاد الألماني النازي، فما إن انتهت
الحرب العالمية الأولى حتَّى انطلقت رؤوس الأموال الأمريكية إلى (المانيا) المهزومة
في خطة إعادة الإعمار المشهورة تاريخياً، التي تقوم على تدخل شركات الدول أو
الدولة المنتصرة؛ لنهب تلك البلاد وتكبيلها بالديون تحت مسمى إعادة الإعمار.
لكن الأمر عجيب
في (المانيا) حيث أنَّ خطة إعادة الإعمار كان المفترض فيها تكبيل (المانيا)، كما
حدث مع كل المنهزمين في الحرب العالمية الأولى، مثل الدولة العثمانية التي تم
تفتيت مُلكها وفُرضت عليها معاهدات غاية في الإجحاف وأُخذت أراضي سلطنتها وقُسمت
بين المنتصرين.
لكن ذلك لم يحدث لـ(المانيا) المنهارة، وكان يجب
عليهم ذبحها كما ذبحوا الدولة العثمانية، ولكن ما هكذا تورد الإبل؛ فهناك دور قادم
لها لتلعبه من جديد..
تقول سجلات
نورمبرج:
أنَّ هناك
تحويلات تمت إلى بنك شالكة، الذي كان تحت سيطرة "رودولف هيس"؛ مدير
الصندوق الذي مول حمالات "هتلر" الانتخابية.
قامت شركات عديدة بتمويل حملة "هتلر"
كان من ضمنها شركة الكهرباء الالمانية العامة، التي كانت تحت سيطرة (جنرال
اليكتريك) الأمريكية بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، أيضاً مولت شركات النفط
الأمريكية (المانيا) في الحرب العالمية الأولى عن طريق توريد رباعي ايثيل؛ لرفع
قيمة الأوكتان المستخدم في الطيران الحربي فقد تم تقطيره وتطويره في معامل شركات
النفط الأمريكية، ونقله إلى (المانيا) في ما بين أعوام ١٩٣٨ إلى ١٩٣٩ وذلك عن طريق
الشراكة بين (ستاندر أويل) و(اي جي فربان) الألمانية المتخصصة في الطاقة.
قبل نقل رباعي ايثيل قامت شركة (ستاندر أويل)
بتطوير صناعة البنزين في (المانيا) بداية من العام ١٩٣٣ أي مراحل التحضير للحرب،
ويشير كتاب (وول ستريت ووصول هتلر للسلطة) إلى أنَّ؛
شركات مثل "هنري
فورد" و"فرانس تيسين" و"وليام هاريمان" الزعيم النازي،
قد دعمت الاقتصاد الالماني والالة العسكرية الالمانية من خلال الضمان الاقتصادي للآلة العسكرية للرايخ
الثالث، وكان كبار رجال الصناعة والمال الأمريكيين مرتبطين بعقود واتفاقيات مع
ألمانيا النازية، وهي المجموعات المصرفية لـ"مورغان وروكفلر"
والمصرفيَّين "أبراهام كوهن" و"توماس لامونت"، وكان من بين الشركات
الشركاء "جنرال إلكتريك" و"ستاندارد أويل" و"فاكُوم أويل"..
وغيرها.
هنري فورد |
ويضيف الكتاب:
موَّلت المؤسسات
المالية الأمريكية، في أواسط العشرينيات، الكارتيلات الألمانية التي ساعدت "هتلر"
في الوصول إلى السلطة.
كان تمويل "هتلر"
يجري جزئيًّا من طرف المؤسسات الفرعية للشركات الأمريكية؛ بما فيها تبرعات "هنري
فورد"، ومدفوعات مجموعة من الشركات الأمريكية آنفة الذكر، وذلك حتى عام 1944.
كانت الشركات
الأمريكية المتعددة الجنسيات، تحصل على أرباح طائلة؛ من البناء العسكري لقوات
الرايخ الثالث، في الثلاثينيات، وحتَّى عام 1942 على الأقل.
استغل رجال المصارف الدوليون نفوذهم في (الولايات المتحدة)؛ لإخفاء تعاونهم مع (المانيا) خلال الحرب العالمية الثانية.
أمَّا أثناء الحرب؛ فتذكر التقارير الكثيرة والتي تم الحصول عليها من وثائق محكامات نورمبرج؛
أنَّ القصف
الأمريكي على (المانيا) كان من المفترض فيه تدمير المصانع الكبري التي تمد "هتلر"
و(المانيا) بامدادات الطاقة، مثل مصنع (جنرال اليكتريك )، لكن المثير للدهشة أنه
لم يتم قصفه وحتَّى مصنع (فورد) في مقاطعة كولونيا أيضاً لم يتعرض لقصف، أمَّا
الشركات الألمانية بدون شراكة أمريكية تم استهدافها، ولكن بدون وقوع إصابات بالغة
أو تدمير كلي كحال مصنع (سيمنز) الذي تم قصفه ولكن من بعيد لبعيد..
لماذا هتلر؟!
حسناً مما سبق
تجد عدة أسئلة تطرح نفسها، فلماذا "هتلر" تحديداً؟! والإجابة تتعلق
باختيار "هتلر" تحديداً لعدة أسباب:
التوجه المعادي
للبلشفية والشيوعية لدى "هتلر".
استغل "هتلر"
قدرته على إيقاف المد الشيوعي، وإسكات الاحتجاجات العمالية التي اجتاحت (المانيا)
وبدأت تجتاح العالم؛ بسبب الانهيار الاقتصادي الهائل والبطالة.
كما أن (المانيا)
كانت مستعدة لالتهام أكبر قدر ممكن من القروض والاستثمارات الأمريكية.
في مقابل ذلك
حصل الألمان على قروض مليارية مغطاة ومكفولة بالذهب.
حسناً تلك هي الأسباب
التي ذكرها الكاتب في كتابه عن كيف صعد "هتلر" ولماذا تم اختياره تحديداً؟!
لكنها لم تشفي الغليل؛ لأنها ركزت مع من قام بالتمويل، وأسهبت أنَّ الأهداف كلها
اقتصادية ومع الرأسمالية في كذا و كذا الخ من الأسباب التي قد تقبلها اذا كنت مع
من تشكَّل عقله داخل معالف الفكر الغربي؛ الذي يصدر لك المشهد كله أنَّه طمع
ومصالح اقتصادية لا أكثر ولا أقل.
أيضاً تغافل
الكاتب في كتبه عموماً وهذا الكتاب تحديداً عن أمور عديدة منها:
كيف مولت (أمريكا)
والشركات والبنوك "هتلر" النازي قاتل اليهود في محارق الهولوكوست؟! سؤال
غريب وعجيب إذ أنَّ الشركات الأمريكية ورؤوس الأموال أغلبها في يد اليهود فكيف
يمول اليهود قاتلهم؟!
نجيب على تلك الأسئلة في مقال منفصل قادم إن شاء الله.
COMMENTS