دائما ما كانت الانتخابات الأمريكية هي محور اهتمام العالم منذ اعتلت الولايات المتحدة لعرش العالم على مستوى السياسة والاقتصاد بعد الحرب العالمية الثانية
ليست مجرد انتخابات | مستويات غير مسبوقة من الصراع الأمريكي - الأمريكي
(بقلم / مولانا العارف)
الانتخابات الأمريكية (جو بايدن ودونالد ترامب) |
كانت تأتي التغيرات طفيفة أو متوسطة، ولم ترتقِ في العقود الأخيرة إلى مرحلة التغيرات الخطيرة أو المؤثرة
انتخابات العالم
دائما ما كانت
الانتخابات الأمريكية هي محور اهتمام العالم منذ أن اعتلت الولايات المتحدة للعرش
العالمي على مستوى السياسة والاقتصاد بعد الحرب العالمية الثانية.
كانت الأنظار
تتجه إلى الانتخابات الأمريكية بهدوء وحذر؛ لكن الحذر لم يكن شديدا وناتجا عن خوف
عميق لما قد يحدث من تغيرات في السياسة الأمريكية الخارجية، حيث كانت تأتي
التغيرات طفيفة أو متوسطة، ولم ترتقِ في العقود الأخيرة إلى مرحلة التغيرات
الخطيرة أو المؤثرة في شكل السياسة العالمية، وتتسبب في تغير خريطة التحالفات
السياسية، وتغير آليات عمل الاقتصاد العالمي، ويمكن أن نقول أن ذلك الأمر ظل هكذا
هادئا منذ نهاية ثمانينات القرن العشرين، وحتي بداية العقد الثاني من القرن الواحد
والعشرين.
كان هناك شق مجتمعي أمريكي، لكنه كان خاضعا للسلطة الحاكمة
انتخابات الرعب في الولايات المتحدة
لكن في العقد
الأخير؛ وتحديدا بعد صعود "دونالد ترامب" إلى سدة الحُكم، تحول الترقب
والانتظار لنتيجة هذه الانتخابات من الهدوء والحذر إلى حالة من الذعر والرعب مما
سوف تُسفِر عنه نتيجة الانتخابات.
ذلك القلق
والتوتر نتج بسبب ما قام به "ترامب" في المجتمع العالمي والمجتمع الأمريكي
بعد أن تسبب في شق مجتمعي ضخم ما كان ليحدث إلا بصعوده إلى السُلطة..
نعم؛ كان هناك شق مجتمعي أمريكي، لكنه كان خاضعا للسلطة الحاكمة.. لا يخرج عنها
كثيرا، وحتى خروجه كان يتمثل في صراعات داخل أروقة الحكم في البيت الأبيض والكونجرس.
لكن "ترامب"
استطاع نقل هذا الصراع السياسي إلى صراع في الشارع؛ وهو الأمر الذي نقل الشق
والصدع من الخفاء إلى العلن، ومن النخبة إلى الشعب؛ وهو ما زاد الصراع حدة وشراسة؛
إذ أن النخب - لو اختلفت ووصل الصراع بينها إلى التنافر الشديد - إلا أنه يظل صراعا
سياسيا تحت عين وسمع وبصر النظام الحاكم، وهي صراعات تحكمها المصالح العليا للدولة
في النهاية، وتسيطر عليها خطط أمريكا واتجاهاتها، وأيضا تأثيرها العالمي غير منظور
إلا على أعلى المستويات في دوائر الحكم في العالم (دول العالم الكبرى المعنية بما
يحدث من صراع داخل أروقة الحكم الأمريكي).
أصبحت الشعوب والأحزاب السياسية ودوائر الحكم الصغرى في الدول كلها تنظر إلى الصراع من منظور مصيري
صراع نخبوي - شعبي
أيضا لم تكن
الشعوب تعلم عن هذه الصراعات شيئا؛ اللهم ما قد يتم إذاعته أو تسريبه، وأيضا ما
كانت لتهتم بالكثير منه..
ولكن مع نقل
الصراع إلى الشارع؛ تحولت الأمور من أمور حكم وسياسة نخبوية بامتياز، إلى مشاجرات
ومشاحنات شعبوية..
ليس فقط بين
مؤيدي الرئيس أو مناهضيه في أمريكا، وإنما انتقلت إلى أصغر دوائر الحكم في الدول
الكبري؛ بل وإلى الشارع العادي في تلك الدول.. كل ذلك أعطى الصراع الانتخابي لونا
وشكلا جديدا ومختلفا تماما، وأصبحت الشعوب والأحزاب السياسية ودوائر الحكم الصغرى في
الدول كلها تنظر إلى الصراع من منظور مصيري؛ حيث كان مصير تلك الشعوب مرهون بمصير
حكامها ورأي الإدارة الأمريكية في أدائهم السياسي، وخدمتهم للمصالح الأمريكية والإسرائيلية.
لم تكن توجهات أمريكا
السياسية واضحة تجاه تلك الأنظمة؛ لكن بنقل "ترامب" الصراع إلى الشارع
الأمريكي والشارع العالمي؛ أصبحت السياسة الأمريكية تجاه الأنظمة محل نقاش شعبوي وليس
فقط على مستوى دوائر الحكم والنخب، وبدأت تظهر الآراء والتحليلات الشعبية بناء على
ما صرَّح به كل مرشح أمريكي من سياسته المقبلة تجاه الأنظمة الحاكمة، وتحول الصراع
الشعبي إلى صراع تحيز بين المرشحين، وتأييد "ترامب" أو "بايدن"
في سابقة لم تكن بالأساس موجودة أو مطروحة للنقاش على المستوى الشعبي بهذا الشكل؛
سواء في أمريكا أو خارجها..
من الملاحظ وجود تحركات تحدث على الأرض في بعض الدول من قبل المعارضة للأنظمة الحاكمة الحالية
مصير العالم
إن ما فعله "ترامب"
جعل الأمر يتحول من مجرد انتخابات رئاسية أمريكية تحدد مستقبل المواطن الأمريكي، إلى
حَدَث تاريخي مصيري يحدد مسار ومصير تلك الشعوب من بقاء أنظمتها أو رحيلهم.. هذا
ما جعل السيناريوهات والاحتمالات تُوضع من قبل الأحزاب السياسية والجماعات المحلية
داخل أغلب دول العالم؛ كل احتمال مبني على سؤال: من سينجح؟ وماذا سيكون شكل نظام
الحكم في تلك الدولة عندما ينجح أحد المُرشَّحَيْن؟
لذلك؛ من
الملاحظ وجود تحركات تحدث على الأرض في بعض الدول من قبل المعارضة للأنظمة الحاكمة
الحالية، وهو ما قد نراه كمصريين في حراك سبتمبر 2020م تحديدا، وحدوث ما لم يكن متوقعا
بالأساس ضد النظام الحاكم نظرا لقوة قبضته الأمنية على الشارع..
أيضا لاحظنا بعض
القرارات السياسية التي تم اتخاذها، والتي شعرنا فيها برائحة صراع اقتسام النفوذ،
وصراعات أخرى بين أجنحة النظام ظهرت على السطح؛ مثل صراع "أسامة هيكل"
وزير الدولة للإعلام مع بعض الإعلاميين، والذي ما كان ليحدث أو حتى يخرج إلى شاشات
التلفاز ومواقع الإنترنت إلا لو كان خلفه صراع أجنحة سياسية..
هذه الصراعات
ظهرت للعلن بسبب خروج الصراع الأمريكي السياسي إلى الساحات الشعبية ودوائر الحكم
الصغيرة..
لذلك ومما سبق؛
تحولت الانتخابات الأمريكية من مجرد انتخابات وصراع سياسي داخلي أمريكي على السُلطة،
إلى صراع سياسي على السلطة داخل دوائر الحكم في الأنظمة الحاكمة في أغلب دول
العالم.. أيضا إلى صراع شعبوي في الشارع العادي..
اقرأ أيضا: السرداب (1) | العلاقة السرية بين محمد علي واليهود
COMMENTS