لذك لن تقوم أمريكا بتنافس شريف مع الصين في السيطرة على اقتصاد القارة الأفريقية ، لكن ستستعمل عقلية الكاوبوي العنجهية التي تقبل بالصدام العسكري المباشر

التنين الصيني يلتهم أفريقيا | الصدام الأمريكي القادم

( بقلم / مولانا العارف)

الرئيس الأمريكي والرئيس الصيني

تُلاحظ أنَّ الصين قد ابتلعت أفريقيا فعليا، ولكن ابتلاع بطريقة ذكية بخلاف ابتلاع أوروبا لها قديما، فالابتلاع الأوربي كان عبارة عن عملية سطو مسلحة عن طريق الاحتلال بقوة السلاح وسرقة الذهب

يحتفل الصينيون هذا العام بمرور 20 سنة على بداية التعاون الصيني الأفريقي، وتأسيس منتدى التعاون الصيني الأفريقي في العام 2000.  وهو ما دفعنا لكتابة هذه الكلمات عن التنين ورغبته في ابتلاع أفريقيا والذي أوشك أن لم يكن قد تم بالفعل.

إليكم بالأرقام كيف يلتهم التنين الصيني أفريقيا بالكامل، فهذا التقرير الصغير السريع عن توغل الصين في أفريقيا.

تجاوز رصيد الاستثمار الصيني المباشر في أفريقيا 49.1 مليار دولار أمريكي، بزيادة حوالي 100 مرة عن عام 2000؛ بلغ حجم التجارة بين الصين وأفريقيا 208.7 مليار دولار أمريكي، أي 20 ضعف حجم عام 2000. تحولت الصين  إلى أكبر شريك تجاري لأفريقيا لمدة 11 عامًا على التوالي، وساهمت بأكثر من 20٪ في نمو إفريقيا لعدد من السنوات، وتمتلك الصين في أفريقيا 10 آلاف مصنع نشط تنتج نحو 12 % من مجمل الإنتاج في القارة بما يعادل 60 مليار دولار سنويًا.. أي أنَّ الصين منفردة تقود 12% من اقتصاد القارة السمراء في 20 سنة. نوع جديد من الاحتلال للقارة ولكنه عكس الاحتلال الأوربي للقارة؛ لذلك جاء مرحبا به.

أما المشاريع الأشهر التي قامت بها الصين في أفريقيا فكانت:

-مركز مؤتمرات الاتحاد الأفريقي

خط سكة حديد أديس أبابا - جيبوتي، وميناء دور اليه بتكلفة 600 مليون دولار.

 وخط سكة حديد مومباسا - نيروبي،

في المغرب: إنشاء منطقة صناعية جديدة تستقبل 200 مشروع صيني.

وفي الكاميرون: مشروع إنشاء ميناء كريبي بتكلفة تقترب من 1.6 مليار دولار.

وفي كوت ديفوار ميناء ابيدجان المستقلة.

وفي الكونغو استحوذت شركة الصين للموليبدينوم  على أسهم خام النحاس المطروحة في الكونغو من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بتكلفة بلغت 2.65 مليار دولار.

بالإضافة إلى تنفيذ مشروعات الاتصالات والإنترنت في مصر وغينيا وأغلب دول أفريقيا عن طريق شركة هواوي..

تُلاحظ أنَّ الصين قد ابتلعت أفريقيا فعليا، ولكن ابتلاع بطريقة ذكية بخلاف ابتلاع أوروبا لها قديما، فالابتلاع الأوربي كان عبارة عن عملية سطو مسلحة عن طريق الاحتلال بقوة السلاح وسرقة الذهب و المواد الخام وبيع البشر عبيد، أما الاحتلال الصيني فهو في زي المستثمر الذي يبحث عن عمالة رخيصة ومواد خام رخيصة وموانيء لنقل خاماته وبضائعه، فجاء احتلال مرحباً به حتَّى الأن.

 

صورة تعبيرية

الحقيقة التي أراها هي أنَّ أمريكا الأن ليست في الحالة الجيدة التي تسمح لها بالدخول إلى المعترك الاقتصادي مع الصين في أفريقيا، فالحالة السياسية الأمريكية في حالة من التخبط الذي لم تشهده الدولة منذ عقود

حسنا لماذا سمينا الاستثمار الصيني في أفريقيا بالاحتلال؟!

الاجابة في منتهى البساطة، هي أنه من يملك الاقتصاد فهو يملك الساسة، ويملك الحكام  يستطيع تغيير حكومات الشعوب بما يتماشى مع رغابته وأهدافه.

الصين ليست دولة صغيرة لن يكون لها أهداف سياسية في الأماكن التي تستثمر فيها، وإنما هي القطب الثاني عالميا بعد أمريكا من حيث القوة الاقتصادية والقوة العسكرية.. وأحلام الصين ليست محدودة النطاق كأحلام هندوراس عندما تستثمر في هاييتي.

وإنما هي أحلام امبراطورية ودولة؛ تسعى لتكون القطب العالمي الأوحد المهيمن على العالم، لكن بإسلوب مختلف حتَّى الأن، فأسلوبها الاستعماري بدأ بالاقتصاد وبما تملكه من صناعات قوية وهامة، ولكن بتكلفة أقل من العالمية، وبما تنتهج من أسلوب البناء والتعمير في الدول التي تدخلها، ولكن بنظام (القسط المريح) عكس أمريكا، والدول الاستعمارية الكبرى قديما كانت تنتهج مبدأ العافية والبلطجة بالسلاح حتَّى تصل إلى التحكم في الاقتصاد، ومن ثم السيطرة على السياسة، والصين عكست الآية حتى تصل إلى السيطرة على السياسة بداية من الاقتصاد ولا يمنع الأمر مستقبلا استخدام القوة العسكرية مع الدول التي سوف تتمرد، وهذا الأسلوب الذي انتهجته الصين جعلها لا تبدوا محتل جديد، وانَّما شريك في الاقتصاد وهذا طبعاً عين التغفيل، والنية الطيبة اللي مبقتش تأكل عيش دلوقتي..

يتبقى سؤال يحتاج إلى إجابة؟! أين أمريكا من هذا التمدد الصيني داخل أفريقيا؟!

كتاب صدام الحضارات

الحقيقة التي أراها هي أنَّ أمريكا الأن ليست في الحالة الجيدة التي تسمح لها بالدخول إلى المعترك الاقتصادي مع الصين في أفريقيا،

فالحالة السياسية الأمريكية في حالة من التخبط الذي لم تشهده الدولة منذ عقود، وذلك بسبب اعتلاء اليمين المتطرف سدة الحكم من الرئاسة إلى مجلس الشيوخ ودوائر صنع القرار الأمريكي، لذك لن تقوم أمريكا بتنافس شريف مع الصين في السيطرة على اقتصاد القارة الأفريقية ، لكن ستستعمل عقلية الكاوبوي العنجهية التي تقبل بالصدام العسكري المباشر لهدم  تلك القوة التي تنافسها في السيطرة على العالم، وهذا وإن كان يبدوا غريبا إلا أنَّه الحقيقة المجردة التي لن تراها إلا بالولوج إلى عقلية أمريكا الحقيقية، وعقلية يمينها المتطرف، ولكي تحصل على ذلك لابد من قراءة تاريخ أفكار أمريكا في العقود الأخيرة، وما وصلت إليه من فكر وتجده جليا في كتابات هتنجتون (صدام الحضارات)، والذي يؤرخ لفكرة الحرب الأمريكية الصينية التي تقضي على الصين؛ لتعود لأمريكا السلطة المنفردة عالميا، وليس هتنجتون فقط بل هناك كسينجر وفوكوياما ونهاية التاريخ التي تفرض حروب الصين والقضاء عليها، وتشاهد هذه الفكرة بشدة في كتابات بيتر تافارو مستشار ترامب الذي ألف كتابين عن الصين  

The coming china war

Death by china

والذي يتوقع (قصده لازم يعني) ألا تنتهي الحروب الاقتصادية بين أمريكا والصين إلا بعمل عسكري وهو مهندس الحرب الاقتصادية ضد الصين ويشغل مستشار الرئيس الحالي..

فتلك هي عقلية الأمريكان وما يخططون لها بشأن الصين وكانت تلك هي إجابة السؤال.