تختلف ردود فعل الأفراد في المجتمع، ودرجة تفاعلهم مع ما تُقدّمه وسائل الإعلام؛ فمنهم مَن يتتبع المنطق في ردة فعله
الإعلام وسنينه | وسائل الإعلام والجمهور
(بقلم / الست الشريرة)
إنَّما يقوم العقل بتحويل كلَّ ما يحصل عليه من معلومات إلى معرفة، واستنتاجات لأمور أخرى، ومعانٍ جديدة، ومبادئ جديدة تتعلَّق بالحياة من حوله.
تؤثِّر وسائل الإعلام على
الفرد وبالتالي المجتمع، فقد يكون تأثيرها إمَّا على مدى الإدراك لديه، أو على
اعتقاداته، أو على سلوكه، أو على عاطفته، أو على وظائف الأعضاء، أو على مواقفه ووجهات
نظره، وهنا تكمن الخطورة فالإعلام أصبح الأن يشكل الوعي الجمعي وتوجهاته، وهذا ما
لمسناه على أرض الواقع منذ ٢٠١١ حتَّى وقتنا الحالي، حيث لعب الإعلام الدور
الرئيسي في كافة الأحداث التي مر بها المجتمع المصري، والذي استغله كل الأطراف كل
حسب إمكانياته، فمن امتلك أكبر عدد للقنوات الفضائية والصحف والإذاعة وكذلك
السوشيال ميديا؛ هو الذي يفرض وجهة نظره ويؤكدها سواء بالفيديوهات أو المصادر
المختلفة.
وانتشر حينها مقولة (فيديوهات مفبركة) أي يتم تصوير الحدث من زاوية معينة بطريقة مُضللة؛ تُثبت وجهة نظر معينة، في حين يكون الواقع بعيد كل البعد عما بثه الفيديو.. وللأسف وقع الكثيرين في براثن تلك الأفكار المضللة.
وتكمن أهمية وسائل الإعلام بأنَّ العقل البشري لا يتوقَّف عمله فقط على استقبال المعلومات من الصحف، أو الكتب، أو الأخبار التلفزيونية، أو مواقع الويب، وإنَّما يقوم العقل بتحويل كلَّ ما يحصل عليه من معلومات إلى معرفة، واستنتاجات لأمور أخرى، ومعانٍ جديدة، ومبادئ جديدة تتعلَّق بالحياة من حوله.
فتخيل عندما تقدم له معلومة ما تخدم مصلحة معينة، مع الوقت ستتشكل طرق
التفكير والسلوكيات المستهدفة؛ تتمكن حينها من السيطرة عليهم بسهولة شديدة خصوصا أنَّ
المتلقي يعتمد كليا على مصدر واحد للمعرفة، فالإعلام يقوم بتزويد المجتمع
بالمعلومات حول الأحداث الوطنية والدولية، وذلك من خلال الأخبار، ويلعب دوراً
مهماً في صناعة الرأي العام، ومع ظهور الوسائط الإلكترونية أصبح بإمكان الأشخاص الوصول
إلى المعلومات بضغطة زر، حيث يتمّ نشر الصور ومقاطع الفيديو عبر التلفزيون
والأجهزة المحمولة. ووسائل الإعلام قائمةٌ
على أساس الإخبار، وتوصيل المعلومات إلى الجمهور، وتشكيل الحوارات، وديمومة
الانفعال مع القضايا التي يطرحها، والأخبار التي يهتم بتناولها؛ وإنّ المجتمع الذي
يُعتبر الفرد قاعدته الأولى، ونقطة انتهائه، هو المجال الذي يختبر فيه الإعلام
ووسائله والقائمين عليه، مدى نجاعة ما يقدمونه، أو يحاولون الوصول إليه، وينحصر
تأثير دور الإعلام في إيصال المعلومات والأخبار: وكل ما يتعلق بها إلى الجمهور
العام، بصورةٍ مُجرّدة، ودون تحيُّز.
بينما قد يترك عند البعض التفاعل مع كثيرٍ من وسائل الإعلام؛ مُكتفياً بتلقي الخبر، دون الاهتمام لتحليلات وسيلة الإعلام، أو تبنّي الرأي الذي تنادي به بشكلٍ مُبطنٍ أو مُعلن
خلق النقاشات والحوارات المختلفة:
مع نُخب المجالات المتعددة، ضمن حيّزٍ إعلاميٍ مُعيّن؛ وتمثل البرامج التلفزيونيّة
الحواريّة، مثالاً واضحاً على ذلك.
والبحث عن القضايا: التي لا يعرف
عنها العامّة الكثير؛ ويشمل ذلك قصص المُهمشين، وفساد أجهزة الدولة، وقضايا
التخابر، والكوارث الخدماتيّة في منطقةٍ ما، وغير ذلك من الأمور. محاولةُ خلقِ
رأيٍ عام: أو التأثير في الرأي العام؛ فتطرح وسائل الإعلام مختلف القضايا، وتنتقي
إحداها للتركيز عليها، وإثارةَ رأي عامٍ حولها، وفي بعض القضايا يتخذ المجتمع
نظرةً أو رأياً عامّاً، فيختار الإعلام بعدها، القيام بدوره لتصحيح وجهة نظر الناس
وقناعاتهم، والتأثير بهم على نحوٍ مُغاير.
محاولة استباق الأحداث: وقد ينظر
بعض المُراقبين لهذه النقطة من زاويةٍ حسّاسةٍ للغاية؛ كونهم يعتبرون أنّ استباق
الأحداث؛ ليس من مُهمّة الإعلام، وأنّ القيام بذلك فعلٌ يمس بمهنيّة العمل
الإعلامي وتجرّده؛ بيد أنّ الرأي الآخر الذي تتبنّاه وسائل الإعلام، يدور حول
أهميّة البحث في كواليس الساسة، ودوافع الظواهر الاجتماعيّة، والقواعد التي ينطلق
منها الفعل الثقافي في المجتمعات. تتمثل هذه النقطة في المواد الإعلاميّة
التحليليّة؛ والمطبوعات، والبرامج التي يديرها الصحفي المُحترف، وتستضيف المُحللين
المؤثرين؛ من أساتذة العلوم المختلفة، وأصحاب الخبرات الطويلة، والمُفكرين
المؤثرين، ورواد الأعمال، والسبّاقين إلى التجارب.
تختلف ردود فعل الأفراد في المجتمع،
ودرجة تفاعلهم مع ما تُقدّمه وسائل الإعلام؛ فمنهم مَن يتتبع المنطق في ردة فعله؛
بأن يستطيع الحكم على أنّ تلك الوسيلة الإعلاميّة مثلاً، تُمارس التهويل والمبالغة
تجاه حدثٍ ما، فلا يستحق كل هذا الزخم الذي تعرضه على شاشتها، أو تخصص له الساعات
الطويلة من البث الإذاعي، أو لا توفر جُهداً في حشو صفحات الجرائد، والمواقع
الإلكترونيّة؛ بما يحلو لها بعيداً عن الواقع. بينما قد يترك عند البعض التفاعل مع
كثيرٍ من وسائل الإعلام؛ مُكتفياً بتلقي الخبر، دون الاهتمام لتحليلات وسيلة
الإعلام، أو تبنّي الرأي الذي تنادي به بشكلٍ مُبطنٍ أو مُعلن؛ كأن تصف وسيلة
إعلاميّة حرب الدولة التي تنتمي إليها، على دولةٍ أُخرى، بالخطوة الصحيحة؛ وهي
بذلك طالبت بشكلٍ بديهي، مُتابعيها بتصديق ما تنادي به.فيما قد تلعب عوامل عديدة
دوراً مُهمّاً؛ في دفع الجمهور لتصديق ما تطرحه وسائل الإعلام؛ مهما كان صحيحاً
وواقعياً أو غير ذلك، ومن تلك العوامل؛ شُهرة وسيلة الإعلام، وتوفر الإمكانيّات
اللوجستية لديها؛ ونذكر منها القدرة على التغطية الإعلاميّة في معظم المناطق حول
العالم، واستخدام التقنيات الحديثة في التصوير والمونتاج، إلى جانب تناول المواضيع
الساخنة، ومحاولة الكشف عن المستور؛ فيما يتعلق بسياسات بعض الدول، أو حقائق لم
تُعرض بعد.
وتزداد مع الوقت صعوبة تفنيد المعروض اعلاميأ على المتلقي ليتيقن من الحقيقة اذا كانت موجودة، ولم تختفي بفعلة فاعل .
COMMENTS