السهولة تكمن في انطلاق دعوات المقاطعة من الجمهور المباشر والمستهلك المُستهدَف، وهي الشعوب التي تنطلق بما لا يخضع للمقاييس المحسوبة
مقاطعة البضائع الفرنسية والاقتصاد الموازي (1) | نقطة انطلاق.
(بقلم / زيتون)
الاقتصاد والاقتصاد الموازي |
المقاطعة الاقتصادية
دائماً ما يكون خيار المقاطعة الاقتصادية، هو أول الحلول التي تتبادر إلى الأذهان في أي قضية شائكة تكون الشعوب طرفاً فيها، وإذا ما تم هذا الأمر بتنسيق وتوجيه مدروس فإن الأمر يصبح على درجة عالية من التهديد والتأثير السلبى.
أتذكر فى الفترة من منتصف عام ٢٠١١ وحتَّى بدايات ٢٠١٣ عندما تكررت حوادث حرق المصحف فى الولايات المتحدة وغيرها؛ ظهرت دعوات مقاطعة البضائع الأمريكية، وكتبت حينها أنَّ مثل هذه الأحداث يجب أن تعمل النخب الوطنية على توظيفها؛ لاستنهاض الهمم بأشكال شتى ومنها نقض الوشائج المتجذرة للشركات متعددة القوميات وإحلال مُنتجات قُطرية وطنية تحمل مال المواطن العربى.. وكرامته!
فى الاقتصاد الحديث، وفي ظل تنامي هيمنة الشركات عابرة القومية وتغلغل
أدوارها لأبعد من مجرد قوة اقتصادية، بل والوصول لأدوار سياسية وعسكرية، يكون الأمر
سهلاً ممتنعاً فى مسألة المقاطعة.
السهولة تكمن في انطلاق دعوات
المقاطعة من الجمهور المباشر والمستهلك المُستهدَف، وهي الشعوب التي تنطلق بما لا
يخضع للمقاييس المحسوبة، لذلك فإنَّ بعض من توضيح الأهداف، تركيز بؤرة المقاطعة
على المناطق الأكثر تأثيراً، العمل على استدامة المقاطعة لوقت أطول، وبالتأكيد النجاح
في توفير بديل مناسب (طالما كان المنتج من الأساسيات الحياتية) فإن ذلك كله يؤدى
إلى ضربات موجعة.
مواجهة الشركات الكبرى للمقاطعة
أمَّا صعوبة الأمر تكمن فى رد فعل الشركات الكبرى التي تضغط مالياً وسياسياً
وربما أخلاقياً على الحكومات وأفرادها؛ ليس لمنع المقاطعة لكن للقيام بإجراء أهم وأعمق
تأثيراً.. القيام بقمع البديل حتَّى ولو كان رديئا.
مطاعم جولي بي |
أذكر (والعهدة على الراوي) أنَّ صديقاً فليبيناً حكى لى ما تعرضت له علامة
الوجبات السريعة الشهيرة فى الفلبين (جولي بي) وكيف تعرضت بعد بزوغ نجمها إلى
محاولات إفشال أو احتواء وشراء من علامات أخرى أكبر وأشهر.
إقرأ أيضاً: قوة الشعوب الناعمة، وفرنسا
لكن كان هناك دعم من أطراف حكومية واقتصادية للتجربة حتَّى انتشرت الأن فى أجزاء كبيرة من آسيا ودول الخليج.
حسب هذه الشركات متعددة الجنسيات، فإن العمل على قمع البديل أهم من العمل
على إنهاء المقاطعة وذلك لأسباب عديدة منها:
- عدم توافر بديل أثناء المقاطعة يضع الشعوب فى مأزق الحرمان والضعف ومن ثَم تفكك روابط المقاطعة شيئا فشيئا، فتصبح المقاطعة تجربة صعبة نفسيا لفئات شعبية كثيرة إذا ما فكروا فى تكرارها مرة ثانية.
- ترسيخ عقدة الاحتياج والنقص، بعدما ترى الشعوب عدم قدرتها على الصبر على المقاطعة لعدم وجود ما يسد رمقها أثناء هذه العملية.
وعليه فإن بعض الخسائر للشركات الكبرى على المدى القصير يمكن تحملها فى سبيل عدم تكرارها لاحقاً.
خاتمة
كتبت فى ٢٠١٢ عن حالة من التناقض الواضح فى تزايد الدعم الشعبى للإعلام
الموازي مثل قنوات الأغاني الشعبية الهابطة وقنوات الأفلام والمسلسلات (الغير
مرخصة والمسروقة)، بينما يخفت صوت الدعم للتجارب الاقتصادية الناشئة، وتكون الحرب
عليها على المستويين الحكومي والشعبى بشكل غير مباشر، منها على سبيل المثال شركات
المياة الغازية المحلية وسلاسل المطاعم الجديدة المحلية وغيرها في مجالات عديدة،
فبدلاً من أن يرى البعض تقويم التجربة لرفع الكفاءة شيئا فشيء تجد دعوات المقاطعة
لهذه المنتجات (المحلية) هى الأبرز!
ولتدرك خطورة البدائل المحلية على المُستورَد العالمى يكفي أن تكون على علم
بقيام الشركات متعددة الجنسيات بعملية (وهم الاختيار) حتَّى تستطيع الإنتصار فى هذه المعركة.. وهذا
محور المقال القادم بإذن الله.
COMMENTS