هذا بالضبط ما تفعله الشركات الكبرى، يطرحون بدائل كثيرة بمواصفات مختلفة، وحتَّى بحملات اعلانية متضاربة ومتصارعة حتَّى يصل بك الأمر إلى مشهد ثابت يتكرر
مقاطعة البضائع الفرنسية والاقتصاد الموازي (٢) | وهم الاختيار.
وهم الاختيار
تحدثنا في خاتمة المقال السابق عن استماته الشركات متعددة الجنسيات فى السيطرة على الأسواق؛ لتجاوز الآثار السلبية لحملات المقاطعة، وكيف أنَّ الصبر على المدى القصير في مسألة المقاطعة أمر يمكن تحمله، لكن لا يجب الصبر أبداً على وجود بدائل يلجأ إليها المقاطعون؛ فذلك يعني ديمومة المقطاعة، وبالتالي انهيار البنيان لهذه الشركات طالما توفَّر بديل.. فما الحل؟!
إقرأ أيضاً: تفجير سد النهضة!! | هل فقد ترامب صوابه؟
أدركت الشركات الكبرى أنَّه على الرغم من قوة قبضتها السياسية والاقتصادية،
إلَّا أنَّ وجود بدائل منافسة محلية فى دولة ما مثل (المغرب) أو (الجزائر) أو (مصر)
مثلاً لا يعني تهديد محلي فقط، فربما تطور الأمر إلى تهديد إقليمي، وربما عالمي
إذا وجد البديل دعماً وحماية شعبية حكومية.
من هنا كانت انطلاقة الشركات الكبرى فى صناعة بدائل تخضع ملكيتها أيضاً لنفس الشركات!
على سبيل المثال، هل تعلم أن هناك أكثر من ٤٠٠ منتج عالمي في مجالات
المشروبات الغازية، الوجبات السريعة، المقرمشات، مستحضرات التجميل، المثلجات،
مساحيق التنظيف، الألبان والحلوى والشيكولاتة وغيرها؛ تخضع جميعها لملكية ١٠ شركات
فقط!
انتبه! أنا أتحدث معك عن أشهر المنتجات على مستوى العالم في هذه المجالات.
لماذا إذن؟!
في أحد مشاهد فيلم جعلتني مجرماً للفنان "أحمد حلمي"، يدور مشهد كوميدي بينه وبين الفنان الراحل "حسن حسني" الذي يقوم بدور صاحب شركة يسعى لتقويتها في السوق المحلي، فيقترح "حلمي" حلاً فى جملة (كل نفسك قبل ما حد ياكلك) ليسخر منه "حسن حسني" بعد ذلك.
هذا بالضبط ما تفعله الشركات الكبرى، يطرحون بدائل كثيرة بمواصفات مختلفة، وحتَّى
بحملات اعلانية متضاربة ومتصارعة حتَّى يصل بك الأمر إلى مشهد ثابت يتكرر معك ومعي
ومع الجميع.
مشهد الوقوع في وهم كبير نحاول فيه بكامل إرادتنا الاختيار بين منتجات كثيرة.. تعود جميعها لشركة واحد فقط!
المقاطعة الناجحة
إذن ما الحل؟! و كيف تكون المقاطعة ناجعة؟!
لا أخفيكم سراً أنَّ مسألة الحل ليست بالشئ اليسير الذي يمكنني التحدث فيه خاصة أننى لستُ متخصصاً في الاقتصاد، لكن الشيء اليقين الذي استطيع التحدث فيه ينقسم لشقين:-
أولاً:
إن تضوّرنا ومتنا جوعاً؛ صبراً وحباً لنبينا صلَّ الله عليه
وسلم؛ فإني لأرجو الله أن يكون ذلك عمل نبيّض به وجوهنا يوم نلقاه وهو خير ما نلقى
به ربنا من دنيانا هذه.
الأمر ليس منطق الحالم، فيمكنك أن
تقاطع وتتعلم كيف تصنع بديلاً، يكفيك والحمد لله أنَّ مصادر المعرفة أصبحت متاحة
للجميع، فيمكن الآن صنع الزبادى، العصائر، المقرمشات، الحلوى، وغيرها فى المنزل.
ثانياً:
إن كنت ذو تأثير في نطاقك، فعليك التوعية بالنقطة الأولى، ويمكن البحث عن
بدائل والتواصل مع موفريها، ومن ثم العمل معهم على تطوير المنتج ليلائم احتياج
الناس و يكون فيه من الملائمة ما يسقي صبرهم بالرضا.
ثالثاً وأخيراً:
إن الحروب الاقتصادية بالذات تُحسَم لمن يصبرا آخرا و يُهزَم فيها من تخور قواه مبكرا، بيد أن هذه الحروب من شراستها -عادة- لا يكون فيها جولات أخرى.
فلتكن الضربة الاقتصادية موجعة هذه المرة، والخير في عروبتنا وإسلامنا باقٍ وإن خفت صوته من حين لآخر.
COMMENTS