فلسطين | وعد الآخرة

SHARE:

يجب أن نعلم أنَّ مجيء بني إسرائيل أو اليهود إلى (فلسطين) يعني قرب نهايتهم وهذا ما دلت عليه الآية الكريمة

 فلسطين | وعد الآخرة

(بقلم/ مولانا العارف)

فلسطين | وعد الآخرة
فلسطين | وعد الأخرة

(فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا)

إن الله إذا قطع وعدًا، فهو منجزه أمَّا إذا توعد فهو بالخيار وهو للعفو أقرب،

وقد وعد سبحانه أن يأتي بهم لفيفا إلى هنا ثم يقضي عليهم تماما..

سورة الإسراء (بني إسرائيل)..

نزلت تلك السورة ما بين الأعوام ٥٨٢ أو ٥٨٣ ميلادي أي بعد حوالي ٥١٢ سنة

من أخر تواجد  اليهود في (فلسطين) حيث تم طردهم  في سنة ٧٠ ميلادي، واستمر الأمر كذلك غير موجودين في (فلسطين) حتَّى سنة ١٩١٧ بداية وعد بلفور أي بعد نزول السورة بحوالي ١٣٣٥ سنة، مما دفع أغلب مفسرين القرآن منذ نزول السورة وحتَّى ١٣ قرن من الزمن، وحتَّى أيامنا هذه يفسرون إفساد وعلو بني إسرائيل بما حدث قديمًا بعد فترة حكم سليمان عليه السلام والأسر البابلي الخ.. مما دفع أغلب المسلمين إلى نسيان ذلك الوعد وتلك السورة وركونهم إلى تفسيرات السابقين وحتَّى المتأخرين من المفسرين..

اقرأ أيضًا: القبلة الأولى | المسجد الأقصى.. الحقيقة والتاريخ

 الأمر الذي أضاف غشاوة كبيرة على أعين وبصائر أغلب المسلمين، مما تسبب فيما نحن فيه الآن ومنذ أكثر من ٧٠ سنة من احتلال (فلسطين) بسبب غفلة المسلمين عن آيات سورة الإسراء وعن الوعد الذي قطعه الله فيها لبني إسرائيل، وأنا إن كنت ألوم المسلمين على تلك الغفلة وهذا النسيان المرعب لوعود الله في كتابه. إلَّا أنَّ الأمر قدري من الله سبحانه ليخلق الأسباب التي تنفذ وعده الذي قطعه في كتابه.

قال الله تعالى

وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب.. الآية

والقضاء هو الحكم الواجب النفاذ، أمَّا وقت النفاذ فهو ما يحدده الله الذي قضى بذلك، وقد قضى عليهم بالإفساد في الأرض مرتين والعلو الكبير، وإذا قضى الله أمرًا فهو واقع لا محالة، ناقش أغلب إن لم يكن كل مفسرين القرآن قديمًا وحديثًا قضية إفساد بني إسرائيل مرتين أنها ما قاموا به من تحريف وتبديل التوراة في المرة الأولى من بعد نزولها فعاقبهم الله بالتيه، ثم بعد ذلك بالإفساد بعد عهد سليمان عليه السلام فعاقبهم الله بالأسر البابلي.. وإلى هنا انتهى الإفسادين وقالوا إنَّ الإفساد الثاني كان في عهد المسيح عليه السلام بتكذيب رسالته وعاقبهم الله بالطرد مرة أخرى من (فلسطين)، وتكلموا وحسموا الجدل في أنَّ العباد الذين أرسلهم الله لعقاب بني إسرائيل على افسادهم هم "نبوخذ نصر" البابلي في الإفساد الأول، و"تيطس" الروماني في الإفساد الثاني! وناقشوا أمر العلو بأنه كان في عهد سليمان عليه السلام الذي تملك الأرض وهو من بني إسرائيل نبيًا وملك فكان ذلك هو العلو الكبير..

وبذلك أغلقوا تفسير السورة وثبتوا ذلك في أذهان أغلب المسلمين طيلة القرون السابقة وحتَّى يومنا هذا، وهذا كان من أكبر السقطات التي وقع فيها أغلب المفسرين الكبار سابقًا.

هذا أمر لا يليق بالقرآن وحصر ما نزل فيه من آيات ووعود في أزمنة معينة وغلق الباب بتلك الطريقة، ولكن وبما أنَّ القرآن صالح لكل زمان ومكان وتفسيره لا يصح بأي حال من الأحوال أن يقف عند زمان ومكان معين خصوصًا إذا تعلق الأمر فيه بحدث أو بوعد..

وبناءًا على صلاحية القرآن لكل زمان ومكان وعدم جعل تفسيره حكرًا على أحد أو على زمان معين أو مكان معين فقد فتح الله على بعض المتأخرين من المفسرين كالشيخ "الشعراوي" بتفسير جيد جدًا لآيات سورة الإسراء والوعد الذي فيها، وأنا هنا أنقل باختصار شديد جدًا ما أورده الشيخ "الشعراوي" في تفسير ما جاء في آيات سورة الإسراء والوعد الذي قطعه الله على نفسه فيها..

اقرأ أيضًا: عندما يقتل الفلسطينيون أنفسهم | من أبو حنيك إلى دايتون

فلسطين | وعد الآخرة
الشيخ محمد متولي الشعراوي

بعد ما ذكر الشيخ الكلام الذي سردته بالأعلى عن الإفسادين لبني إسرائيل ونفى ما قاله المفسرون جاء بالتفسير الذي يليق بالإفسادين فقال:

والأَوْلى أن نقول: إنهما بعد الإسلام، وسوف نجد في هذا رَبْطاً لقصة بني إسرائيل بسورة الإسراء.

كيف ذلك؟

قالوا: لأن الإسلام حينما جاء كان يستشهد بأهل الكتاب على صدق محمد صلى الله عليه وسلم، ونفس أهل الكتاب كانوا يستفتحون به على الذين كفروا، فكان أهل الكتاب إذا جادلوا الكفار والمشركين في المدينة كانوا يقولون لهم: لقد أظلَّ زمان نبي يأتي فنتبعه، ونقتلكم به قتل عاد وإرم.

لذلك يقول الحق سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم: إنهم ينكرون عليك أن الله يشهد ومَنْ عنده علم الكتاب، فمَنْ عنده علم الكتاب منهم يعرف بمجيئك، وأنك صادق، ويعرف علامتك، بدليل أن الصادقين منهم آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم.

ويقول أحدهم: لقد عرفته حين رأيته كمعرفتي لابني، ومعرفتي لمحمد أشد، لأنه قد يشك في نسبة ولده إليه، ولكنه لا يشك في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم لِمَا قرأه في كتبهم، وما يعلمه من أوصافه، لأنه صلى الله عليه وسلم موصوف في كتبهم، ويعرفونه كما يعرفون أبناءهم.

إذن: كانوا يستفتحون برسول الله على الذين كفروا، وكانوا مستشرفين لمجيئه، وعندهم مُقدِّمات لبعثته صلى الله عليه وسلم.

ومع ذلك: {فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ..} [البقرة: 89].

فلما كفروا به، ماذا كان موقفه صلى الله عليه وسلم بعد أن هاجر إلى المدينة؟

في المدينة أبرم رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم معاهدة يتعايشون بموجبها، ووفّى لهم رسول الله ما وفّوا، فلما غدروا هم، واعتدوا على حرمات المسلمين وأعراضهم، جاس رسول الله صلى الله عليه وسلم خلال ديارهم، وقتل منهم مَنْ قَتل، وأجلاهم عن المدينة إلى الشام وإلى خيبر؛ وكان هذا بأمر من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: {هُوَ الذي أَخْرَجَ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الحشر مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ وظنوا أَنَّهُمْ مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ الله فَأَتَاهُمُ الله مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرعب يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار} [الحشر: 2].

وهذا هو الفساد الأول الذي حدث من يهود بني النضير، وبني قَيْنقاع، وبني قريظة، الذين خانوا العهد مع رسول الله، بعد أن كانوا يستفتحون به على الذين كفروا، ونصُّ الآية القادمة يُؤيِّد ما نذهب إليه من أن الإفسادين كانتا بعد الإسلام, أ.هـ

{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا)

فلما وقع الافساد الأول أرسل الله عليهم عباده الذين طردوهم من المدينة وجاسوا خلال ديارهم يبحثون عن الصغير والكبير لطردهم فالعباد هم محمد وصحبه وما يؤيد ذلك هو الآية

(ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرً) وها هي الكرة تعود مرة اخري علينا كمسلمين لصالح اليهود.

ويبدأ الافساد الثاني برجوعهم (فلسطين) وإفسادهم في أرضها وقتل عباد الله المؤمنين واستباحة المسجد الأقصى فهل هناك إفساد أسوء من ذلك يمكن أن يفعله اليهود؟!

فلسطين | وعد الآخرة
خريطة فلسطين

وأما علوهم الكبير..

فلا يذكر التاريخ لبني إسرائيل علوا في الأرض أبدًا إلَّا في عهد سليمان عليه السلام وكان علوا بالتوحيد لله والدعوة من أجله وإقامة التوراة فلما أفسدوا قضى الله عليهم ودمر ذلك العلو، وأمَّا العلو الحقيقي الذي لم يبلغوه في الزمن القديم فقد بلغوه الأن ومستمرين فيه.. وقد ذكرنا أنَّ سورة الاسراء تتكلم عن إفسادين وعلو لبني إسرائيل في حضن الإسلام أي بعد بعثة رسول الله صل الله عليه وسلم وليس قبل ذلك، وهذا يتضح من كلمة وعد التي ذكرت أكثر من مرة في أكثر من آية ومعلوم أنَّها كلمة مستقبلية لا يصح أن تستخدم في الدلالة على حدث سابق أو قديم..

مما سبق يتضح أننا نعيش الإفساد الثاني لبني إسرائيل وكذا العلو الكبير

(فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا)

يجب أن نعلم أنَّ مجيء بني إسرائيل أو اليهود إلى (فلسطين) يعني قرب نهايتهم وهذا ما دلت عليه الآية يقول الحق سبحانه وتعالى (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا).

كان لابد أن يجتمع اليهود في وطن واحد ليتحقق وَعْد الله بالقضاء عليهم، فالله قد شتتهم في الأرض جميعًا ولم يجمعهم في مكان واحد أبدًا بل مشتتين ههنا وههناك فأراد سبحانه وتعالى إنفاذ وعده الذي وعد لبني إسرائيل أن يأتي بهم لفيفًا إلى مكان واحد وهو (فلسطين) حتَّى ينفذ وعده بأن عباده الذين أرسلهم عليهم في المرة الأولى هم هم من سيرسلهم عليهم في المرة الأخيرة، ولكن في مكان واحد وهو (فلسطين) فهل كان سيستطيع المسلمون أن ينقضُّوا على اليهود وهم في شتيت الأرض؟! الإجابة لا وكان لابد أن الحق سبحانه أوحى إليهم بفكرة التجمُّع في وطن قومي لهم كما يقولون، حتَّى إذا أراد أَخْذهم لم يُفلتهم، ويأخذهم أخْذ عزيز مقتدر وحتَّى يتحقق وعده ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) فقوله تعالى: {فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخرة..} فكلمة الآخرة تدلُّ على أنها المرة التي لن تتكرر، ولكن يكون لليهود غَلَبة بعدها..

فالحمد لله منجز وعده مجمع اليهود في أرض (فلسطين) حتَّى يأتي اليوم الذي ينقض فيه المسلمون عليهم ولكن متى سيأتي هذا اليوم؟! الإجابة تكمن في آية (عِبَادًا لَنَا) عندما نصبح عبادًا لله وحده لا نخشى إلَّا الله ولا نلجأ إلَّا له ولا نستعين إلَّا به ونسعى لتنفيذ ما أمر به. في هذه الحال سنتحول ل (عِبَادًا لَنَا ) الذين سوف يرسلهم الله إلى (فلسطين) لسحق اليهود في وعد الآخرة، دون ذلك أي إن لم نتحول إلى عباد لله وحده فلا تحرر لـ(فلسطين) ولا دحر لليهود.

COMMENTS

الاسم

اتجاهات وأفكار,8,أحداث من التاريخ,4,أخبارعلمية,1,أسرار تاريخية,12,أعمال مترجمة,3,اقتصاد,8,اقتصاد عالمي,7,الشرق الأوسط,11,أمام العدسة,11,تاريخ,24,تحليلات إخبارية,16,ترجمات علمية,2,ثقافة وأدب,38,حكايات أدبية,4,دراسات ثقافية وأدبية,6,دراماتيك,11,روايات وكتب,12,رياضة,9,سياسة,46,سينما,13,شؤون مصرية,3,شخصيات تاريخية,7,شعر ونثر,17,علوم وتكنولوجيا,11,فلك وفضاء,3,فنون وسينما,32,قضايا معاصرة,19,كرة قدم,9,كمبيوتر وإنترنت,3,مسارات مختلفة,3,مساهمات القراء,39,مقالات وتحليلات,51,ملفات سياسية,42,
rtl
item
صفحة أخيرة: فلسطين | وعد الآخرة
فلسطين | وعد الآخرة
يجب أن نعلم أنَّ مجيء بني إسرائيل أو اليهود إلى (فلسطين) يعني قرب نهايتهم وهذا ما دلت عليه الآية الكريمة
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiJ9zaPaK0gzIJ-CFyR6ZSaYj_UUsKkUS0H8vnpnrIArV4Gi0fpQO_NT9zdLB7y1BVvJzplJDwG5US8bv8dhI9OM0ltLR7wYepIVweeFUfT7rN6ASFJqvQVZ5KrK1P1dXdN9TfCMgHyKfBv/w640-h338/%25D9%2588%25D8%25B9%25D8%25AF+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25A3%25D8%25AE%25D8%25B1%25D8%25A9.jpg
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiJ9zaPaK0gzIJ-CFyR6ZSaYj_UUsKkUS0H8vnpnrIArV4Gi0fpQO_NT9zdLB7y1BVvJzplJDwG5US8bv8dhI9OM0ltLR7wYepIVweeFUfT7rN6ASFJqvQVZ5KrK1P1dXdN9TfCMgHyKfBv/s72-w640-c-h338/%25D9%2588%25D8%25B9%25D8%25AF+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25A3%25D8%25AE%25D8%25B1%25D8%25A9.jpg
صفحة أخيرة
https://www.saf7a-a5era.com/2021/05/palestine-the-ultimate-promise.html
https://www.saf7a-a5era.com/
https://www.saf7a-a5era.com/
https://www.saf7a-a5era.com/2021/05/palestine-the-ultimate-promise.html
true
4387532385212111926
UTF-8
Loaded All Posts Not found any posts VIEW ALL Readmore Reply Cancel reply Delete By Home PAGES POSTS View All RECOMMENDED FOR YOU LABEL ARCHIVE SEARCH ALL POSTS Not found any post match with your request Back Home Sunday Monday Tuesday Wednesday Thursday Friday Saturday Sun Mon Tue Wed Thu Fri Sat January February March April May June July August September October November December Jan Feb Mar Apr May Jun Jul Aug Sep Oct Nov Dec just now 1 minute ago $$1$$ minutes ago 1 hour ago $$1$$ hours ago Yesterday $$1$$ days ago $$1$$ weeks ago more than 5 weeks ago Followers Follow THIS PREMIUM CONTENT IS LOCKED STEP 1: Share to a social network STEP 2: Click the link on your social network Copy All Code Select All Code All codes were copied to your clipboard Can not copy the codes / texts, please press [CTRL]+[C] (or CMD+C with Mac) to copy Table of Content