أجد سيدة أفغانية شابة جميلة تبلغ من العمر ٣٠ عام باعت بنتا وإحدى كليتيها للإنفاق على باقي أطفالها؛ فلا عائل لها
أوطان على حافة الهاوية | بقلم "أروى عادل"
الحرب |
أن تتصفح
الأخبار فتجد العالم يقف على حافة الحرب..
فهذا رئيس يحشد
ما لديه بكل ما أوتي من قوة لكي يستمر طويلا في الحكم، وهذا آخر يبدد ثروات بلاده
في صفقات سلاح خاسرة، وهذا يشتري يختا، وهذا يبني قصرا ينافس ويكايد به حُكَّاما
آخرين، وهذا يقول: أنا أملك الأعلى والأكبر والأفضل، وينفق في هذا ماشاء..
وتجد أُناسا يتفنَّنون
في إضاعة الأموال أو اكتنازها؛ ليضغط إصبعي على رابط لخبر يقول: "أفغان
يصارعون الجوع.. يبيعون أبناءهم وكلاهم من أجل الخبز"..
أجد سيدة
أفغانية شابة جميلة تبلغ من العمر ٣٠ عام باعت بنتا وإحدى كليتيها للإنفاق على
باقي أطفالها؛ فلا عائل لها.. وشاهدتها وهي تبكي بكاءً مريرا؛ لا على ابنتها فحسب،
ولا على كليتها التي بيعت مقابل خمسين ألف من العملة الأفغانية (أي مايعادل خمسمائة
دولار)؛ فلقد تعرضت أيضا للنصب والبخس.. لكن
ما زاد من بكائها وحسرتها أنها تفكر في بيع الثانية -أي طفلة ثانية- وختمت حديثها:
"ياليتني ما ولدت في هذا العالم وحسب".
ماذا يمكنني أن
أفعل بعد هذا؟!
أتدرون كيف
سأبيت ليلتي بعد أن رأيت أشباه هذه السيدة؛ وكل يبيع لحمه وعرضه من أجل الخبز؟!
بل هناك آخرون
في زوارق الموت يتنافسون في الفرار، ثم يقضون غرقا..
ما الذي يدفع هؤلاء
لهذا المصير؟!
فقط من أجل لقمة
العيش؟!
أم أنهم أضحوا
غرباء في أوطان لا مستقبل لهم فيها ولا كرامة؟!
يوجد في بلادي وفي
بلاد العالم أجمع من يُهدِر هذه الأموال ويبددها من أجل شهوة أو منصب أو جاه أو
حتى سهرة حميمية..
نعم؛ سمعت بهذا
منذ ثلاثة أعوام، وتناقلت وكالات الأنباء أخبارا كهذه..
لن أنسى هذا
الخبر أبدا عن عذراء روسية باعت عذريتها لأمير عربي ليقضي معها ليلة مقابل مليون
دولار..
أتدرون ماذا تفعل
المليون دولار لأسر المنكوبين؟!
أتدرون ماتفعل
المليون دولار للأرامل والثكالى والمشردين واللاجئين والغارمين وطُلَّاب العلم
الذين لازالوا يفترشون الأرض يدرسون على ألواح خشبية في غابات أفريقيا وأحراش آسيا؟!
أتدرون كم بئرا
تُحفَر وكم مستشفى تُجَهَّز؟!
حسنا.. هناك من
سيقول إنها مليون فقط، ست أصفار، فلا تبالغي..
وأنا أقول لا
بارك الله فيك، ولا في ليلتك، ومَن على شاكلتك.. هذه الأموال ستُزوج شبابا وتُعيل
أُسَرا وتقضي ديونا..
ليلتك وليالي
غيرك من الحكام والأمراء و كبار الأغنياء -الذين يريقون الأموال كما تُراق الدماء-
ستُعيد العدل إلى الأرض ولو بالقليل..
عطاؤك فيه نصرة
للضعيف..
إن تكالبت عليه
الدنيا وخَذَلَته، مددنا له نحن أيدينا ولو كان ذَرَّا للرماد في العيون..
سأبيت ألعنكم
وألعن مؤيديكم وكل مشترك في هكذا جريمة، وأسب كل حقير مُدَّع يحاضرني عن الوطن
والوطنية، وكل سفيه يبدد ماله بدعوى الحرية والانفتاح والاستمتاع بما أفاض الله
عليه..
هناك من سيستشرف
على هذه المسكينة وغيرها ويتقعر منددا بصوته..
كيف للمرء أن
يبيع فلذة كبده؟!
كيف صار الفقير
بلا قلب؟!
كيف أضحى الناس
وحوشا هكذا؟!
وهذا المتحذلق
المُدَّعي لم يقرضه الجوع ويفترسه.. لم ينتهكه البرد في العراء..
لن يشعر بمن لم
يجد من مقومات الحياة الإنسانية وأبسطها مايقيم وأده وحياته؛ مُكَرَّما في بيته
وعائلته.. حتى يأتينا ويصدر أحكامه على هؤلاء بكل أريحية!!
لاجئون سوريون |
الوحوش هم من
باعوا الأوطان ونزعوا عن الناس آدميتهم..
الوحوش من خذلهم
وجعل بلادهم مرتعا للفقر والجوع والظلم والجهل..
والوحوش من
فرطوا في مقدرات الوطن وصنعوا منه أحزابا وشراذم لكل عرق وطائفة ودين ثم تباكوا
على هذا الوطن!!
لا تحاضروني عن
الوطن..
وطني في قلبي
كما تمنيت؛ لا كما رأيت وشاهدت وعايشت وتألمت..
لا سامحكم الله،
ولاغفر لكم، وغفر لهذه المسكينة ولغيرها من أبطال قصص لانعلم عنهم شيئا سوى أن
الله بنا وبهم رؤوف رحيم.
أروى عادل
27/01/2022
COMMENTS