كنت يومًا ما بريئة.. عندما كنت أعتقد أن أيًّا ممن كانوا يتشنجون في معارضتهم مناضلين أنقياء، وأن هدفهم الأسمى الوطن والمواطن
كنت يومًا ما بريئة
بقلم: مُنى فضْل
الله
تفتَّحت عيني في
بيتٍ يُقَدِّر القراءة، ويُقَدِّر الفن الهادف، وترعرعت في ظل إخوتي الكبار، فكنت
أستمع إلى ما يسمعون، وأشاهد ما يشاهدون، وأقرأ ما كانوا يقرأون.
كنت أقرأ
الجرائد، وأُشاهد نشرات الأخبار، وأحفظ أسماء الوزراء إلى ما بعد يناير ٢٠١١ بقليل.
بدَأْتُ القراءة
الحُرة في سن مبكرة؛ فبدأت بروايات ميكي وكابتن ماجد وتان تان، ومِن ثَمَّ انتقلت
إلى رجل المستحيل والمغامرون الخمسة، فلم تستهوِنِي تلك السلاسل، ومن ثم روايات زهور
وروايات عبير، وانتقلت في سن الثالثة عشر إلى أعمال "إحسان عبد القدوس"
وبدأت بروايته الشهيرة (لا أنام)؛ والتي لم أفهمها في حينها.
لحق ذلك قراءتي للجرائد
والصحف اليومية، وبعض من مقالات الرأي، وكنت أنتظر بريد الجُمعة أسبوعيًّا على أحر
من الجمر؛ إلى أن تطوَّرَت قراءاتي، وتعرفتُ على كتابات "محمود عوض" و"محمد
حسنين هيكل" وغيرهم من الكُتَّاب، بجانب قراءة الروايات.. إلى أن وصلت لإدمان
قراءة كل حرف من جريدة اليوم السابع الأسبوعية.
كنت أتابع مسلسل
"أوان الورد" عام ٢٠٠٠م، عندما اكتشفت أن هناك فبركة للمداخلات
التليفونية في البرامج، وأن مَن يقومون بهذه المداخلات ليسوا سوى مُستأجرين
يتحدثون من غُرَف التحكم، وليسوا من الجمهور المُتابِع لهذه البرامج.
بعدها بفترة
حدثت فضيحة إعلامية مدوية؛ عندما استعانت إحدى الإعلاميات الشهيرات في برنامجها بـ
"كومبارس"، وقامت بإقناع المتابعين لبرنامجها إنهن صاحبات قضية.
كنت يومًا ما
بريئة..
عندما كنت أعتقد
أن أيًّا ممن كانوا يتشنجون في معارضتهم مناضلين أنقياء، وأن هدفهم الأسمى الوطن
والمواطن، وكنت أعتقد أن الإعلام حر، وأن الإعلاميين مناضلين، إلى ما بعد أحداث
يناير ٢٠١١ وتداعياتها، وسقوط أوراق التوت عن الكثير والكثير من المتشدقين بالحرية
والوطنية.
بدأ الشك يتملكني،
والذي تحول بدوره إلى إعمال العقل؛ فبعد أن كنت أُسَلِّم عقلي لكل ما يقال من
أكاذيب، أصبحت أفكر وأفكر، ثم أفكر جيدًا إلى أن أصل لرؤية خاصة بي وحدى..
رؤية تميزني عن غيرى..
رؤية أحيانًا
تصيب، وتخطئ في أحيان أخرى.
يقول ديكارت:
"أنا أشك..
إذن أنا أفكر.. إذن أنا موجود"..
فالشك أو الطريق
إلى البحث والمعرفة، يَصِلون بنا إلى اليقين.
COMMENTS