كرة القدم هي واحدة من أكثر الرياضات شعبية في العالم. ومنذ بداياتها، كانت للرياضة علاقة وثيقة بالسياسة
ليست مجرد لعبة | صفحات من تاريخ كرة القدم والسياسة
كرة القدم والسياسة – علاقة لا تنتهي
لا شك في أن كرة
القدم هي واحدة من أكثر الرياضات شعبية في العالم. ومنذ بداياتها، كانت للرياضة
علاقة وثيقة بالسياسة. ومع تزايد شعبية الرياضة وانتشارها في جميع أنحاء العالم،
تطورت هذه العلاقة بطرق مختلفة، حتى وصلت إلى المستوى الذي نراه اليوم.
في العشرينات
والثلاثينات من القرن الماضي، كانت الحكومات العسكرية في أوروبا تستخدم كرة القدم
كوسيلة لتعزيز نفوذها وتأثيرها على المجتمعات المحلية. وقد تم استخدام دوريات كرة
القدم في العديد من الدول لتمثيل المصالح الوطنية، ولكان للمنتخبات الوطنية دور
هام في التعبير عن الهوية الوطنية.
كما استخدم
النظام النازي في ألمانيا كرة القدم كوسيلة للترويج للفكر النازي والتأثير على
الجماهير. وقد أظهرت الوثائق التي تم اكتشافها في السنوات الأخيرة أن الحكومة
النازية كانت تستخدم الرياضة عموما، وكرة القدم على وجه الخصوص، للترويج للعنصرية
والنازية.
استغلال آخر لكرة القدم
وعلى الرغم من
ذلك، تم استخدام كرة القدم أيضًا كوسيلة للتضامن والتأكيد على قيم الحرية
والمساواة والتعايش السلمي في العديد من المواقف الأخرى.
في الستينات
والسبعينات من القرن الماضي، شهدت كرة القدم حركة قوية في تأييد الحركات
الانفصالية في بعض البلدان. ففي ذلك الوقت، كان يعتقد أن الرياضة يمكنها أن تساعد
على تعزيز الوحدة الوطنية والقيم السلمية.
مأساة بوينس آيرس
وقد شهدت كرة
القدم العديد من الأحداث الهامة في تاريخها، والتي شكلت نقطة تحول في علاقتها
بالسياسة. ففي عام 1969، توقفت المباراة بين الأرجنتين وبيرو في بوينس آيرس عندما
قام الجمهور بالاعتداء على لاعبي بيرو، وهذا الحدث أدى إلى خسارة بيرو وفوز
الأرجنتين بمنتهى الصعوبة بفارق هدف واحد. ومن المعروف أن هذه المباراة كانت بين
الأكثر اختلافا وتوترًا في تاريخ الرياضة، حيث كانت تحدد من سيتأهل لكأس العالم.
الوجه الآخر لكرة القدم
كما لعبت كرة
القدم دورًا مهمًا في تحقيق بعض المكاسب السياسية. ففي عام 1995، تم تنظيم مباراة
ودية بين جنوب أفريقيا والأرجنتين، وهي المباراة الأولى التي يشارك فيها منتخب
جنوب أفريقيا بعد رفع حظر التمييز العنصري المفروض على البلاد. وقد كانت هذه
المباراة فرصة لتوثيق التقدم الذي حدث في جنوب أفريقيا بعد عقود من الظلم والقهر.
ولم تنته علاقة
كرة القدم بالسياسة بعد ذلك. ففي السنوات الأخيرة، شهدنا تحولًا جديدًا في العلاقة
بين الرياضة والسياسة.
على سبيل
المثال، قام اللاعبون في العديد من البطولات الكبرى بإظهار تضامنهم مع القضايا
الاجتماعية والسياسية المهمة. ففي بطولة كأس العالم لكرة القدم للرجال عام 2018،
قام لاعبو المنتخب السويدي بالتضامن مع فلسطين عندما قاموا بتوقيع قمصانهم بعبارة "Free Palestine"، مما أثار جدلاً واسعاً في الإعلام العالمي.
وفي بطولة كأس
العالم لكرة القدم للسيدات عام 2019، قامت لاعبات المنتخب الأمريكي برفع دعوى
قضائية ضد الاتحاد الأمريكي لكرة القدم للمطالبة بالمساواة في الأجور بينهن وبين
لاعبي المنتخب الأمريكي للرجال، وهو الأمر الذي قوبل بتأييد واسع في المجتمع
الرياضي والسياسي.
في النهاية
تبقى كرة القدم رياضة شعبية وعالمية تتميز بجماهيرية كبيرة وشغف شديد، وتظل علاقتها بالسياسة والأحداث السياسية في مختلف أنحاء العالم قوية ومتقلبة. ومن المهم أن نعترف بأن الرياضة في العموم لها دور كبير في الحياة الاجتماعية والسياسية، وأنها قادرة على تحقيق تغيير إيجابي في المجتمعات والأمم.
COMMENTS