الغارقون في تثبيط الأمة لم يأخذوا وصف التحدي والمؤامرة من منظور شرعي، بل أغرقوا أنفسهم بالإرجاف والهواجس
استشهاد السنوار: المؤامرة والخيال
يحيى السنوار |
ما إن تواترت
الأنباء عن ارتقاء السيد يحيى السنوار مُقبل غير مدبر على يد الصهاينة أعداء الله
والإنسانية؛ حتى سارع الغارقون في خمر نظريات المؤامرة إلى المبادرة باستدلالات
وتفسيرات تؤيد ما يعتنقون من آراء حول ارتقائه رحمه الله.
هل هناك مؤامرة بشكل عام؟!
إن الإسلام يخوض
حروبا ضَروس منذ أن ابتُعث به النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تزال تلك الحروب
مستمرة باستمرار عقيدة التوحيد وشريعة الله سبحانه وتعالى، ولا يدّخر الشيطان
وحزبه جهدا في الكيد والتدبير للإسلام وأهله. فهذا مما لا يخفى على أحد ولا تخطئه
عين متابع.
غير أن سلوك
المسلم في مواجهة تلك المكائد والمؤامرات كان ولا بد له أن ينضبط بضوابط الشرع
وليس بهواجس الهوى، فضبط العقيدة والتوحيد لله والتوكل عليه والأخذ بالأسباب قدر
الاستطاعة والمدافعة والحرب والتنكيل بالعدو في كل ميدان دون ربط ذلك كله بالنصر،
فالنصر من الله وحده وذلك من رحمته بنا، إذ أن الإيمان والسعي والبذل والأداء
بيقين وإخلاص هما التكليف المنوط بالمسلم القيام به وليس فيما بعد ذلك تكليف.
غير أن الغارقون
في تثبيط الأمة لم يأخذوا وصف التحدي والمؤامرة من منظور شرعي، بل أغرقوا أنفسهم
بالإرجاف والهواجس حتى أصبحت هواجسهم كما يقول "فان بروجين" في
سيكولوجية نظريات المؤامرة:
"فهي توقظ
في دواخلنا المخاوف والتوجس من شكل حضورنا في هذا العالم، وتعزّز يقيننا بأننا لا
نعدو في محصل أمرنا أن نكون مجرد دمى، تحركها قوى خفية شريرة وغير مرئية، وتخضعنا
لسلطانها، ترتهن مصائرنا، وتسطر أقدارنا".
استدل ثم اعتقد
قاعدة شرعية
حياتيه وهي قاعدة أصّل لها العلماء منذ قديم الأزل وهي من دعائم المسلم ضد الزيغ
والغرق في الهوى، فإذا كان لديك دليل مادي بضوابطه الشرعية – الأمنية، فحينئذ يمكن
استخدام الدليل بضوابطه لبناء الاعتقاد. لكن ما وقع فيه الغارقون في نظرية المؤمرة
هو الاعتقاد المبني على خلل نفسي ثم لي عنق الأدلة لتوافق هواهم غير مكترثين بصحة
الاستدلال ولا موثوقية الدليل، فصار الشيطان وحزبه إلها لا يُقهر إذا تصل أياديهم
لكل شيء ويعرفون كل شيء ويدبرون كل شيء، وكل ساع من المسلمين لابد وأنه جزء من خطة
العدو أو يستفيد العدو منه!!
يظن هؤلاء أن
سنن الدفع ينبغي لها ملائكة مُحصَّنون ولم يتدبروا في سُنَن التاريخ الإسلامي، كيف
أن الدفع ينبغي له نية صافية من الشِّرْك لا صحيفة خالية من الذنوب، إذ الكل إن
يصدق يسير لله بكسره وعرجه، والله يجبر أمتنا بسيرنا لا بوصولنا، وبسعينا لا بادّعائنا
الاطلاع على الغيب وكشف ما لا سبيل إليه.
إن أهل هوى
المؤامرة بدلا من يدبروا للعدو المكائد وقعوا في مكائده، وقد أحسن كثير من علماء
الأمة، على اختلافهم مع حركة حماس، أن فرَّقوا بمواقفهم كيف أن المسلم أخو المسلم
لا يسلمه لعدو كافر في وقت العدوان، وهذه سُنّة الربانيين لمن يقرأ بتمعن في
تاريخنا الإسلامي، وليس يكتفي بمطالعة المقالات المختصرة.
السنوار يسأل أهل المؤامرات
يشتهر بين الناس
رواية الشوك والقرنفل التي كتبها، لكن من يتهمونه بالوقوع في فخ ساذج كهذا يدرك كل
مقاوم أنه ربما يُجر إليه.. ألم يدر بخلدهم سؤال السنوار ذلك:
"أنا يحيى
السنوار، لي بالاضافة إلى رواية الشوك والقرنفل أبحاث وترجمات في الشأن
الاستخباراتي والأمني لها من الثقل ما لها، لقد أسست جهاز المجد الأمني، واحد من أخطر
منظومات الاستخبارات الأمنية وأشدها بأسا وأكثرها رعبا للخونة على وجه التحديد،
أتحسبون أنني من السذاجة أن أقع في فخ كهذا؟! لقد قُدت في ظل وقوعي بالأسر مجلس
شوري السجون، وكانت لمداولاتي وقراراتي ثقل كبير في قرارات الحركة بالخارج، وكان
ذلك كله عصيّا على الاختراق، أتحسبون أني لا اتخذ احتياطي حينما أكون حرا وفي أرض
المعركة؟! إذا كنتُ قد وقعت في فخ استخباراتي لتحديد مكاني وقد علم العدو مكاني،
هل سيترك العدو تلك الفرصة للإمساك بي حيا وصياغة عرض استخباراتي يحط من عزيمة
جنودي المحاربين وينشر الهزيمة النفسية في قلوب الأمة؟!".
تقاطع وتشابه
لقد تقاطعت طرق
هؤلاء الغارقين في الاستسلام لنظرية المؤامرة مع المداخلة والمرجفين إذ يبثون
التخذيل في نفوس المسلمين سواء دروا بذلك أم جهلوا.
وتشابهت طرائقهم
مع الخوارج الذين يحتد سيفهم في الأزمات على رقاب المسلمين بدلا من رقاب العدو.
وهؤلاء يثخنون بسيف التثبيط ويكبّلون عزائمهم لصالح عدوهم.. وياللحسرة!!
فهذا كله بناء على هواجس نفسية لا أصل شرعي ولا أمني ولا سياسي لإرجافهم هذا، ألا فليتقوا الله، إذ بلغ بأحدهم أن اعتبر شيوع الثناء على "أبي إبراهيم" واعتباره بطلا وقدوة = شئ من مؤامرات العدو!
COMMENTS