تتمثَّل وقائع الفضيحة في أحد أقسام شركة تُسمَّى (كريبتو إيه جي Crypto A.G) سويسرية النشأة التي قامت بتصنيع واحد من أفضل أجهزة التشفير في العالم.
كريبتو إيه جي (Crypto A.G)
| كيف استطاع السي آي إيه التجسس على
120 دولة؟!
المدخل الرئيسي لل CIA في ولاية فرجينيا |
كريبتو إيه جي Crypto A.G
في تقرير لها؛
نشرت صحيفة (واشنطن بوست) واحدة من أكبر فضائح التجسُّس التي استمرَّت قُرابة ال
50 عام.
نتحدث عن قضية
تجسس على أكثر من 120 دولة؛ ليس من بينهم الصين وروسيا.
تتمثَّل وقائع
الفضيحة في أحد أقسام شركة تُسمَّى (كريبتو إيه جي) سويسرية النشأة التي قامت بتصنيع
واحد من أفضل أجهزة التشفير في العالم.
الشركة
بوريس هاجلين وزوجته أثناء وصولهم إلى الولايات المتحدة |
تم تأسيس الشركة
بواسطة الروسي – السويدي "بوريس هاجلين" الذي انتقل إلى أمريكا، وبدأ في
تصنيع أول جهاز تشفير؛ المعروف باسم (M 209).
بعد ذلك أخذ
"هاجلين" تصريح بيع الجهاز إلى الدول الصديقة لأمريكا؛ بداية من سنة
1951م.
طريقة البيع تمَّت
بأسلوب غريب؛ حيث تقوم الدول التي ترغب في امتلاك الجهاز بدفع مبلغ 700 ألف دولار
سنويا تحت بند (بدل خسائر)، فتكون عملية البيع غير نهائية، ويحق للشركة أن تسترد
الجهاز في أي وقت، كما لا يحق للدولة التي ابتاعت الجهاز أن تستخدمه إلا في حدود
ما هو مسموح به وموثق في عقد البيع، ولا يمكنها أن تسمح بتداول الشفرة أو تحاول
التعديل عليها.
المخابرات الأمريكية تستحوذ على كريبتو
مقر شركة كريبتو |
في منتصف الستينيات؛
طَوَّرَت الشركة آلية تشفير الأرقام بمساعدة المخابرات الأمريكية CIA.. وبما أن المخابرات الأمريكية
هي مَن ساعد (كريبتو إيه جي) في الوصول إلى لوغاريتمات التشفير؛ بالتالي أصبح لدى
المُخابرات الأمريكية آلية سهلة لتفكيك الرسائل المُشَفَّرة الصادرة والمرسلة من أجهزة
الشركة؛ والتي تم بيعها إلى 120 دولة حول العالم.. لكن البيع كان بمكيالين.
الدول الصديقة لأمريكا (فرنسا – بريطانيا – إسرائيل) تستلم نُسَخ أصلية بشفرات خاصة لا يمكن تفكيكها أو الاطلاع عليها، والدول الأخرى (باقي دول أوروبا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية) تستلم جهاز بنُسخة معلومة التشفير والأكواد مُسبَقا من المخابرات الأمريكية.
قامت المخابرات
الأمريكية (سي آي إيه) بشراء شركة (كريبتون إيه جي) سراً في العام 1970م؛ وذلك
بالمشاركة مع جهاز الاستخبارات الألماني.. تَمَّ ذلك في سرية شديدة؛ حتى أن مجلس إدارة
الشركة لم يكُن يعلم بتلك الصفقة.
إيران تكتشف الخدعة
أزمة الرهائن الأمريكان في إيران عام 1979م |
في مطلع التسعينيات؛
قامت المخابرات الألمانية ببيع حصتها، وذلك بعد اكتشاف أمر الشركة بشكل عارض حدث
في إيران، حيث شكَّت إيران أنه يتم التجسس عليها؛ وذلك بعد عملية احتجاز الرهائن
الأمريكيين في سفارة الولايات المتحدة عام 1979م.
قامت الأجهزة
الأمنية الإيرانية باعتقال أحد مُرَوِّجي آلات (كريبتو)؛ وهو "هانس بيولر"؛
لمُدة عام أو أقل قليلا، ثم أطلقت سراحه بعد دَفْع الشركة لفدية تُقَدَّر بمليون
دولار.
بعد خروج "هانس"
من الأَسْر وعودته إلى سويسرا؛ بدأت الشكوك تساوره، حتى توصَّل إلى حقيقة أن
سويسرا تعلم بأمر اختراق أجهزة التجسس، مما دفع ألمانيا - كما ذكرنا مسبقا - ببيع
حصتها في الشركة.. ومع ذلك استمرت أمريكا في استخدام جهاز (كريبتو) للتجسس حتى
العام 2012م على أقل تقدير.
كل ذلك بحسب أحد تقارير واشنطن بوست
اختراع يضع الولايات المتحدة على القمة
من أشهر الدول
التي تم التجسس عليها بحسب التحقيق: مصر، وتحديدا فترة مفاوضات (كامب ديفيد)
بزعامة السادات..
أيضا ساعدت تلك
الأجهزة في القَبْض على ليبيين سنة 86م، أثناء محاولة لتفجير ملهى ليلي في برلين..
وقد تم استخدام هذا
الاختراع في تصفية العديد من قادة أمريكا اللاتينية الثوريين، والمشهورين بعدائهم
للولايات المتحدة؛ منهم على سبيل المثال:
عمر توريخوس
(بنما)
خيمي رولدوس
(الإكوادور)
سليفادور أليندي
(تشيلي)
الرئيس التشيلي سلفادور أليندي قبل اغتياله بلحظات |
ومن أشهر الدول التي استمر التجسس عليها لعقود: تركيا والهند وباكستان ومصر والسعودية وإيران ولبنان وليبيا.
لَمْ يَرِد أي
تعليق من المخابرات الأمريكية أو الألمانية عن تلك الفضيحة المُدوية؛ والتي لا
تُعتَبَر جديدة على النهج الأمريكي.. فهناك العشرات من تلك الفضائح؛ كان أشهرها ما
قام بنشره عميل المخابرات المركزية الأمريكية الأسبق "إدوارد سنودن"، وأيضا
تسريبات "جون أسانج" المعروفة بتسريبات (ويكيليكس).
أما الآن
فأساليب التَجَسُّس أكثر براعة، وأسهل بكثير.. حيث يتم التجسس عن طريق الهواتف
النقَّالة؛ إما عن طريق التطبيقات، أو عن طريق التجسس المُباشِر على شبكات المحمول..
يتم ذلك عن طريق زرع أجهزة التجسس في محطات المحمول.. ومن أشهر تلك العمليات ما قد
تم كشفه بتاريخ 31/12/2010 في مصر.. لكن ظلَّت هذه القضية طي الكتمان، وتحولت إلى
قضية تمرير مُكالمات دولية.
لا تكتفي أمريكا
بزرع العملاء فقط؛ لكن أيضا تقوم بالتجسس عليهم.
COMMENTS