محمد علي باشا.. هل هو أبو مصر الحديثة، أم شخص بيشتغل لمصلحته ومصلحة أولاده دون النظر لمصلحة مصر أو شعب مصر؟! طيب؛ تعالوا نشوف البداية منين؟

محمد حماد يكتب | محمد علي باشا وسرد تاريخي مبسط

"محمد علي" ألباني الأصل؛ اتولد في (تسالونيكي)، وبعدها اشتغل مُزارع وتاجر دخان؛ وكان تاجر شاطر، بالرغم من إنه كان أُمي لا يُجيد القراءة ولا الكتابة..

البداية

‏محمد علي باشا.. هل هو أبو مصر الحديثة، أم شخص بيشتغل لمصلحته ومصلحة أولاده دون النظر لمصلحة مصر أو شعب مصر؟!

طيب؛ تعالوا نشوف البداية منين؟ ومين هو "محمد علي" قبل ما ييجي مصر؟

"محمد علي" ألباني الأصل؛ اتولد في (تسالونيكي)، وبعدها اشتغل مُزارع وتاجر دخان؛ وكان تاجر شاطر، بالرغم من إنه كان أُمي لا يُجيد القراءة ولا الكتابة..

التحق "محمد علي" بالجيش العُثماني.. ولما الفرنساويين احتلوا مصر، والدولة العثمانية طلبت من إنجلترا التدخل،  حصلت معركة (أبوقير)، واتدمَّر الأسطول الفرنسي.

وصلت قوة عثمانية، وكان هو فيها نائب قائد الجيش العثماني، وحارب بشجاعة.. دة اللي خلى قبطان باشا يديلوا لقب (سر ششمة) - معناها اللواء.

كان "محمد علي" عارف إن الأعيان المصريين بيكرهوا التُرك والمماليك، فتقرَّب منهم واتحالف معاهم، واكتشف إن أهل القاهرة هم الطليعة والمحرك للسياسة، والمحرك لأهل القاهرة كان الأعيان ورجال الدين..

الإنجليز كان لهم أطماع في مصر، والسلطان كان بيفضَّل حُكم المماليك عن حكم الوالي القوي، والإنجليز كانوا مُتحالفين مع المماليك، والشعب كان عاوز "محمد علي" يبقى هو الوالي - (الزعيم المُخَلِّص زي ما كانوا بيحلموا).

فرق تسد

وعلشان "محمد علي" ذكي؛ حط إيده على النقطة دي،

ولعب لعبة (فرق تسد) بين المماليك والتُرْك، وكان دايما بيحرك الدسائس بينهم وبيضربهم في بعض..

اتعين "خورشيد باشا" والي، والأهالي طالبوه بالتنحي، بس رفض.. ونتيجة كدة الأهالي قاموا ضده، وكان "محمد علي"  ورا الكلام ده.

المهم؛ الإنجليز كان لهم أطماع في مصر، والسلطان كان بيفضَّل حُكم المماليك عن حكم الوالي القوي، والإنجليز كانوا مُتحالفين مع المماليك، والشعب كان عاوز "محمد علي" يبقى هو الوالي - (الزعيم المُخَلِّص زي ما كانوا بيحلموا).

الغريب إن الباشا مكنش بيتكلم عربي، ولا حاول يتكلم أو يتعلم اللغة العربية؛ غير يادوب بعد ما تم الأربعين، وبردو مكنش بيتكلم عربي.

المهم؛ الخليفة العثماني اضطر لتثبيت "محمد علي"، والمماليك ضعفوا وانقسموا، وحصلت (حملة فريزر) اللي انتهت بهزيمة الإنجليز بفضل الأهالي، وقدر "محمد علي" يستولي على الصعيد، ويوحد سلطته على البلاد.

أما الجنود الألبان فأجهدهم في الحروب.. ففكر في فتح السودان والوصول لمنابع النيل

حروب الباشا والصراع مع الباب العالي

بعد كدة؛ دخل في كذا صدام مع السلطان العثماني أو الباب العالي، بس كان بيتظاهر بالولاء والطاعة للسلطان، وكان دايما بيطلب منه ولاية سوريا لأنها غنية بالأخشاب وخصبة في الزراعة.. السلطان كان خايف من "محمد علي"، اللي كان خايف بردو إن السلطان يعزله، لأن السلطان حاول أكتر من مرة إنه يعزله.

الباشا كان عنده مشكلة كبيرة مع الجنود الألبان والمماليك، فعمل مذبحة القلعة الشهيرة، وطارد بقايا المماليك..

أما الجنود الألبان فأجهدهم في الحروب.. ففكر في فتح السودان والوصول لمنابع النيل؛ دة عشان عدة أسباب؛ منها:

تجنيد جيش جديد، لأنه مكنش مقتنع غير إن المصريين فلاحين ماينفعوش غير في كده.

الطمع في ذهب وخيرات السودان.

التحكم في منابع النيل.

التخلص من العساكر الألبان، وإجهادهم في الحروب.

 

جيش الباشا قدر يدخل السودان ويحتلها، فجلب عدد كبير من الأرقَّاء اللي ماتوا من الأمراض قبل ما يتجندوا، فاضطر يجند المصريين.

أول مرة حاول رغَّبهم عن طريق دعوتهم للجيش الجهادي وقال عليهم (العساكر المنصورية).

لكنه لما فشل؛ عمل التجنيد الإجباري، واضطر يعمل النظام البيروقراطي الحكومي والتعداد.. كمان اضطر يفتح المدارس زي الهندسخانة والطب، ويرسل بعثات للخارج.. كل دة بيصب في مصلحة الجيش الجديد.

أنشأ كمان المدارس العسكرية في أسوان وطرة، وعمل الترسانة في الإسكندرية، وجاب أفضل الضباط الأجانب لتدريب الجيش، وجاب "كلوت بك"، وفتح مدرسة للطب..

السلطان كان بيتابع كل دة بقلق، هو وإنجلترا.

في الحروب الوهابية؛ "محمد علي" بعت ما تبقى من الألبان والمماليك عشان يخلص من أكبر عدد منهم.. فكسب الحرب، وحط إيده على إقليم الحجاز.

إقليم الحجاز كان له أهمية كبيرة؛ لأن فيه الحرمين الشريفين؛ يعني لو "محمد علي"  أعلن نفسه (خادم للحرمين الشريفين)، هينزع القداسة عن السلطان العثماني؛ ودة زوِّد قلق السلطان أكتر..

السلطان طلب من "محمد علي" يروح حرب (المورة).. فراح الباشا على مضض، وكان فيه خلافات بين "إبراهيم باشا" والقادة الأتراك في الحرب نتيجة عدم حبهم لـ "محمد علي"..

الحرب انتهت، ومصر خسرت الأسطول بتاعها.

بعدها الخلاف بين السلطان و"محمد علي" ابتدى يزيد، وساعد دة على اتخاذ الباشا لقرار غزو بلاد الشام بالرغم من التحذيرات.. كانت حجته إن ولاة الشام بيساعدوا المصريين اللي بيهربوا من حُكمه.

دخل محمد علي الشام؛ وكان مخططه إنه ياخد الأستانة ويحل محل السلطان العثماني؛ خصوصا إن الحرمين الشريفين في حيازته، لأنه في أكتر من مناسبة كان بيقول إنه إصلاحي عثماني، والسلطة له ولأولاده..

بعد تجاوز (قونية)؛ أمر "محمد علي" نجله وقائد جيشه "إبراهيم باشا" إنه يتوقف عشان يطمن لموقف إنجلترا.. فرنسا كانت في العلن معاه، بس في السر كانت تابعة لإنجلترا..

السلطان استنجد بالإنجليز، بس إنجلترا مكنتش مُهتمة بالطرفين.. فاضطر السلطان إنه يوقّع معاهدة (خنكار اسكلسي) مع عدوته التقليدية روسيا، وعدوة إنجلترا اللدود اللي كانت بتهدد مصالحها في الهند.

"محمد علي" حارب دبلوماسيا عشان تفضل ولاية مصر والشام ليه ولأولاده من بعده؛ لأن أكتر شيء كان يهمه هو إن اللي عمله في مصر محدش تاني ياخده غير أولاده

تحجيم دور الباشا

كان لأول مرة يتشاف الأسطول الروسي في (البوسفور)؛ الشيء اللي سبِّب قلق شديد للغرب، لأن روسيا لو وصلت الأناضول تقدر توصل لدجلة والفرات وإيران، وتقطع الطريق على الهند، وتهدد مصالح إنجلترا، وممكن الهند كمان  تضيع من إنجلترا.

إنجلترا قالت للسلطان هانساعدك ضد "محمد علي" بس الغي المعاهدة مع روسيا؛ وقد كان.

فرنسا  انقلبت على "محمد علي"، وانطرد الجيش المصري من الشام بعد معارك بطولية خلدها التاريخ.

"محمد علي" حارب دبلوماسيا عشان تفضل ولاية مصر والشام ليه ولأولاده من بعده؛ لأن أكتر شيء كان يهمه هو إن اللي عمله في مصر محدش تاني ياخده غير أولاده..

دة بعد ما اتخلّص من كل أعدائه؛ المماليك والألبان والعثمانيين، وحتى المصريين اللي ساعدوه يوصل لحكم مصر.