تدهور المجتمع من سيء لأسوأ لم يكن وليد اللحظة؛ لكنه ظهر بوضوح مع ما يُسمَّى بـ (عصر الانفتاح).. فلقد بدأ حال المجتمع يظهر عليه التغير بشدة
ثقافة الإنسان المصري بين ماضيه وحاضره | دراسة
(بقلم: منى فضل الله)
الطلبة المصريون إبان ثورة 1919 |
من سيء إلى أسوأ
عصر
الاضمحلال الخُلُقي وتشجيع القُبْح ودَهْس القِيَم والمبادئ، نتيجة حتميَّة لانهيار
الثقافة والفنون بجميع مجالاتها..
تدهور
المجتمع من سيء لأسوأ لم يكن وليد اللحظة؛ لكنه ظهر بوضوح مع ما يُسمَّى بـ (عصر
الانفتاح).. فلقد بدأ حال المجتمع يظهر عليه التغير بشدة، بعد أن كان يطل من قبل
على استحياء.
الأسرة
- وهي نواة المجتمع - هي الأساسات الراسخة في تشكيل فكر أفرادها، وهي الداعم
الأساسي لكياناتهم؛ فالأسرة المُثقفة نجد أفرادها يتمتعون بأسلوب حوار راقٍ مُتَّزِن
مُقنِع، لا يتطرقون إلى السباب، ولا يستخدمون التطاول أداة للنيل من غيرهم، بل
ينأون عن كل ذلك، وينتهجون الصمت.
دور المدرسة قديما
المدرسة
التي كان شعارها التربية قبل التعليم، والتي كانت أول من تقوم بتفتيح مدارك الصغار
على الرياضة والفنون بأنواعها؛ فكان الاهتمام بحصص الرياضة البدنية، والرسم،
والموسيقى، والزراعة، وتعليم فنون الخياطة، والتطريز، ومبادئ الطبخ، والمكتبة التى
كان لها حصة أسبوعية نقرأ فيها ونستعير منها الكتب..
لقد
كانت مدرستي التي قضيت فيها جميع مراحل دراستي تهتم بالفنون والأعمال اليدوية
بجانب العلوم، وأعتقد أن المدرسة شكَّلت جزءا كبيرا من شخصيتي، وحبي لتذوق كل ما
هو جيد، واستهجان لكل ما هو سيء.
استمرار التدهور
ظهرت في حياتنا على مدار سنوات طويلة ألفاظ غريبة وعجيبة ووضيعة..
ألفاظ
هابطة استبدلناها بألفاظ أكثر رقيًا حتى نظهر أمام محدثنا بمظهر الأشخاص المعاصرين؛
لا بمظهر التحف والأنتيكات.. وأصبح من يستخدمها يُقال له: "أنت قديم
قوى".. كما أنه يتم القضاء على اللغة العربية تدريجيًا، واستخدام العامية بدلًا
منها فى الكتب والروايات، بالإضافة للأخطاء الإملائية..
فالأخطاء
الإملائية تُنبِّئ بأن القادم أسوأ؛ فلا اهتمام من البيت ولا المدرسة ولا الجامعة
باللغة العربية، وبالتالي لا اهتمام بقراءة خارج الكتب المدرسية والجامعية، ولا اهتمام
لتحفيز الطالب للبحث خارج إطار الدراسة، وبالتالي تخريج شباب يحمل شهادات بدون علم
ولا لغة ولا ثقافة.
لم
يعد من المستهجن أن نرى المستخدمين على مواقع التواصل الاجتماعي - على مدار كل هذه
السنوات وبعد كل هذه الخبرات - الجري وراء الإلهاءات وكَيْل الاتهامات؛ رغم أن
العاقل الواعي المُثَقَّف هو من يصمت في هذه اللحظات، وينظُر ويتعلم بدون التدخل في
تلك المهاترات التي تنال من شخصه وهيبته.
الحل
مظاهر
الازدهار الحضاري تتلخص في ازدهار ورقي فكر وسلوك المواطن، والاهتمام بالتعليم
والمُدَرسين، والاهتمام بالأدب والأدباء، ونشر الثقافة، وافتتاح المكتبات العامة،
ودعم أسعار المطبوعات الهادفة، والاهتمام بالفنون بكافة أنواعها، والاهتمام بالحرف
اليدوية.
سينتج
عن هذا أجيال جديدة تُحسِن تقدير الأدب، وتخلق جمهور مثقف بجميع فئاته، قادر على
الفهم والنقد والتذوق.
COMMENTS