الطفل في فلسطين ينضج عندما يسمع أخبار بلاده وما يحل فيها، وعويل أُمِّه وقهر أبيه.. عندما يتألّم ولا يفصح عن ألمه.. كان ينضج!!
في فلسطين.. كيف ننضُج؟! | سماح الخطيب
الشهيد الفلسطيني خيري علقم |
نحنُ لا ننضج فجأة!!
هُناك مُقاومات صغيرة ونضال شخصي لا يعرفه التاريخ ولا يُدركه أحد، لكنّنا نضجنا بسببها وهي التي جعلتنا على ما نحنُ عليه اليوم!
فمثلاً..
الطفل في فلسطين ينضج عندما يسمع أخبار بلاده وما يحل فيها، وعويل أُمِّه وقهر أبيه..
عندما يتألّم ولا يفصح عن ألمه.. كان ينضج!!
عندما يستيقظ صباحاً وقد تم أسرِ أخيه دون أن يودّعه.. كان ينضج!!
عندما يزف جثمان صديقه شهيداً للوطن.. كان ينضج!!
عندما يسمع قصفاً،
ويخاف من فقد أحدٍ من أحبائه.. كان ينضج!!
عندما خارت قواه وأرهقته الحياة،
وضاقت عليهِ حتى نفسه وبكى.. كان ينضج!!
عندما كان لديه حُلم وآلَت ظروفه،
وحالت دون نجاحه.. كان ينضج!!
وحتى عندما نَضج بما يكفي كان للحياة رأيٌ آخر..
فهيَ إن كنتم لا تعلمون لا تَتّسع لهذا النُضج
المُهيب..
لهذا الحُزن العظيم..
لهذا الحقد الشريف، ولهذا الصبر المُفرط، ولهذه العزيمة المُخيفة!!
هي هكذا حياتُنا.. مَضت أيامنا وتسرّبت كينبوعِ ماءٍ من تحتِ أقدامنا ونحنُ ننتظر دموع الفرح لا دموع الحزن والقهر، ننتظر لمّة الأهل لا تشريدهم
وتشتيتهم، ننتظر العيش بأمان لا العيش بقلقٍ وكدر، ننتظر ليالي الأُنس والبهجة..
ننتظر أن
نعيش!!
وبينما نحنُ ننتظر كل هذا، أجدني الآن أستمع لصوتِ طائرة الاستطلاع التّابعة للاحتلال
الإسرائيلي تحوم فوق سمائنا بصوتها المزعج والتي هي نذير
شؤم علينا، ومع ذلك أمسكت بقلمي وجمعتُ لكم حروف الأبجدية، حركتُها بمشاعري،
وكتبتُ بها..
لأنّ لا مَهرب من الأمرِ إلّا خوضه، لأنّ الحوادث خانقة والكتابة هي المَنفذُ الدائمُ لي.
وأخيراً: إن لم تكونوا بخير، فكونوا راضين بنصيبكم في الدنيا كأقل تقدير.
اقرأ أيضا:
من محاكمات الساحرات إلى استخدام الإرهاب | تاريخ إحكام السيطرة على الشعوب
COMMENTS