الحرب في أوكرانيا: من التصعيد النووي إلى الحرب الكلية

SHARE:

المجتمع العنيف والفوضوي يحمل الحروب في داخله، حتى عندما يدعي السعي إلى السلام، تماما كما تحمل الغيوم الماطرة العواصف بداخلها

الحرب في أوكرانيا: من التصعيد النووي إلى الحرب الكلية

 

الحرب في أوكرانيا: من التصعيد النووي إلى الحرب الكلية
الحرب الكلية

هل نحن الآن في مرحلة الحرب الزائفة في الحرب العالمية الثالثة؟!

هذا السؤال يطرحه العديد من الناس في الوقت الحالي.

إذا نظرنا إلى التاريخ، فإننا نجد أن الحروب كانت مستمرة ومتجددة في أوروبا والعالم على مر العصور، حتى أن المفكر الفرنسي جان جوريس كتب قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى أن: "المجتمع العنيف والفوضوي يحمل الحروب في داخله، حتى عندما يدعي السعي إلى السلام، تماما كما تحمل الغيوم الماطرة العواصف بداخلها".

حروب ما بعد النهضة الصناعية

بعد النهضة الصناعية الكبيرة واختراع السلاح الناري الحديث والمدفعية والطيران، دخلت أوروبا الحرب كالمعتاد، إلا أن الحروب الحديثة تختلف عن الحروب القديمة، فهي حروب مدمرة لا يقتصر الخراب فيها على أرض المعركة كما هو المعتاد في السابق. فقد أصابت الحرب العالمية الأولى الناس البسطاء والفلاحين في القرى والمدن البعيدة عن أرض النزال، وسقط منهم ملايين الضحايا. ولسوء حظ أوروبا، فانتهت الحرب العالمية الأولى على موقف جيوسياسي غير متوازن بالمرة، وكانت نتيجتها مفارقات عجيبة.

الحرب في أوكرانيا.. حرب عالمية؟!

الآن في الوقت الحاضر، يتصارع الأطراف المختلفة في أوكرانيا - الناتو - روسيا، ويسأل الناس:

هل نحن الآن في مرحلة الحرب الزائفة في الحرب العالمية الثالثة؟!

هذا السؤال يستحق النظر بعمق.. فمتى قد تتحول الحرب الزائفة إلى حرب مباشرة تأكل الأخضر واليابس؟!

الجواب على هذا السؤال يبقى مجهولا..

يرسل السناتور الأمريكي فيلاندر سي نوكس خطاباً إلى الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون يصف فيه اتفاقية فرساي التي أنهت الحرب العالمية الأولى بأنها لا تعني السلام، بل الحرب.. وقال أيضا إنها ستؤدي إلى حرب أكثر دماراً ورعباً من الحرب التي انتهت للتو.

كانت اتفاقية فرساي حقاً إملاءات مخزية فرضتها الأمم المنتصرة على الأمم المهزومة، ولذلك لم يكن غريباً أن يصفها كاتب "كفاحي"؛ أدولف هتلر بـ (الإملاءات).

أوضاع مأساوية تتكرر

عاشت أوروبا في ثلاثينيات القرن الماضي أوضاعاً متوترة شبيهة بتلك التي يواجهها العالم اليوم.. ومع ذلك، فقد دفع الخوف من المأساة الجميع آنذاك إلى الامتناع عن التصعيد. واشتهرت "سياسة الاسترضاء" بأنها العنوان الرئيسي لمؤتمر ميونخ في عام 1938.

يمكن تمثيل "سياسة الاسترضاء" بشخص رئيس الوزراء البريطاني نيفيل تشامبرلين. وبدأت هذه السياسة المدفوعة بالخوف من المأساة المتوقعة بالتصارع مع "سنة التدافع" بين الأمم والنزاع المتواصل في أوروبا، حتى غلبت الثانية على الأولى واندلعت الحرب من جديد.

بعد إعلان الحرب بين كل من فرنسا وبريطانيا من جهة وألمانيا من جهة أخرى، لم ينسَ الأوروبيون مآسي الحرب العالمية السابقة. ورغم أن الحرب قد أعلنت رسمياً، إلا أنهم لم يجرؤوا على مهاجمة بعضهم البعض لمدة 9 أشهر تقريبا بعد الإعلان عن الحرب، كان الخوف من النتائج الكارثية لحرب عالمية محتملة هو السائد.

الخوف من الحرب

خلال مرحلة الخوف من الحرب، أطلق البريطانيون على تلك المرحلة اسم "الحرب الزائفة"، في حين أطلق الألمانيون عليها "الحرب الجالسة"، وسماها الفرنسيون "الحرب المضحكة".

الحرب في أوكرانيا: من التصعيد النووي إلى الحرب الكلية
الحرب العالمية الثانية 


عندما عادت الحرب لتجتاح أوروبا من جديد، فازت سُنة الكون مرة أخرى على تخوفات السياسيين، وتسببت الحرب الثانية في أضرار بأضعاف تلك التي نجمت عن الحرب الأولى. وبعد انتهاء الحرب الثانية، أُطلق عليها اسم "الحرب العالمية الثانية"، فيما أُطلق على الحرب الأولى وصف جديد: "الحرب العالمية الأولى".

الرعب النووي

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، تعرضت البشرية لنوع جديد من الفيزياء: الفيزياء النووية. بعد أن تمكَّن الإنسان من شَطْر نواة المواد ذات الكتلة الكبيرة، مثل اليورانيوم والبلوتونيوم، أسفر ذلك عن إسقاط الأمريكيين لقنبلتين نوويتين على اليابان.

هكذا توصل البشر إلى قناعة بأن "سياسة الاسترضاء" هي الأفضل والأكثر قبولاً. وأدركوا أن التصادم يعني هلاك البشرية. وبفضل هذه القناعة، عاش العالم فترة نسبياً هادئة منذ عام 1945 حتى عام 2022.

على الرغم من أن هذه الفترة شهدت حروبًا ومعاركًا ثانوية، فلم يتأثر جوهر المنظومة الدولية أو أحد أقطابها من الدول الكبرى التي تشكل مجلس الأمن، باستثناء الأزمة الكوبية التي تم التوافق عليها بسياسة الاسترضاء مرة أخرى من قبل الأطراف المتنازعة.

العنقاء تقوم

في ليلة الرابع والعشرين من فبراير 2022، اندلعت الحرب في العالم من جديد وكأنها العنقاء، أو كما لو أنها تعيد كتابة نفس السيناريو الذي حدث خلال الحرب العالمية الثانية في عام 1939. فعلى الرغم من أننا الآن في عام 2022، إلا أن قضيتنا تبدو كنسخة مطابقة لتلك الفترة الزمنية العصيبة التي عاشتها البشرية.

ديجا - فو

لدينا مقاطعة جديدة في ألمانيا، تسمى دانزينج، يسكنها غالبية ألمانية، وهي تفصل بين إقليمين ألمانيين، ويتعرض سكانها للاضطهاد تحت حكم البولنديين. هذا ما يقوله المستشار الألماني عام 1939.

اليوم، نشهد نفس الوضع في مقاطعة دونباس الروسية، وهي مقاطعة روسية تسكنها غالبية سكانها من الناطقين باللغة الروسية. تفصل هذه المقاطعة بين روسيا الأم والقرم، ويتعرض أهلها للاضطهاد تحت حكم الأوكرانيين. هذا ما يقوله الرئيس الروسي في عام 2022.

الحرب في أوكرانيا: من التصعيد النووي إلى الحرب الكلية
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين 


لا يزال الأمر محفورًا في الذاكرة، تلك الليلة الرهيبة التي احتبست فيها الأنفاس، وأجبرت المتابعين على الانتظار حتى طلوع الفجر.

في تلك الليلة، انتشرت الدبابات الروسية حول أوكرانيا، واقتحمت المجهول، وفتحت صفحة جديدة في عالم مختلف عمّا كان عليه الأمر في الماضي.

نهاية سياسة الاسترضاء

في البداية، توقع بعض الناس أن يتم التعامل مع الهجوم بسياسة الاسترضاء، وهذا ما تبدو عليه الأمور من خلال تصريحات الجنرالات الأمريكيين ومستوى الدعم الأوروبي المتدني لأوكرانيا.

ولكن، بسبب فشل الهجوم الروسي وصمود الأوكرانيين، اضطر الغرب فجأة وبقوة لترك سياسة الاسترضاء واختار الانتقال إلى سياسة المواجهة. وكأنما قد تم إعادة تولي تشرشل السلطة بعد إقالة تشامبرلين.

دخل العالم مرحلة جديدة ولن يكون هناك "مؤتمر ميونخ" آخر في عام 2022. لن تكرر أوكرانيا مصير بولندا عام 1939 ولن تواجه كييف مصير وارسو المأساوي. إذا كان "هذا ما أعددته لنا" يا بوتين، فاستعد لـ "هذه ليست النهاية وليست حتى بداية النهاية" كما قال بوريس جونسون.

الكارثة قادمة

ينبغي أن يتوقع بوتين عواقب كارثية إذا فشل في إنهاء الأزمة الروسية مع الغرب في أوكرانيا. سيجد نفسه في نفس موقف سلوبودان ميلوسوفيتش، وسيعود إلى المستنقع الذي كانت فيه روسيا في التسعينات، وإذا نجح في السيطرة على أوكرانيا، ستتبعها بولندا ودول البلطيق.

يتفق جميع الخبراء والمحللين على عمق الأزمة الروسية مع الغرب في أوكرانيا، وأنها قطعت أشواطًا في ظلام الريبة بين الأطراف المتنازعة، وتهاوت آخر قلاع الاتفاقيات الأمنية الدولية. ولا يوجد مكان للثقة بين الأطراف بعد اليوم، ولا سبيل للتراجع.

إذا فشل الرئيس الروسي في إنهاء الأزمة، فإنه سيواجه عواقب وخيمة، وسيجد نفسه على كرسي سلوبودان ميلوسوفيتش بلا ريب، وسيعود البلد إلى المستنقع الذي كانت فيه في التسعينيات.

سيخرج ماكرون قريباً ليؤكد تصريحه السابق بأن حلف الناتو يمر بمرحلة الموت السريري، وإذا حدث ذلك، فإن التنين الصيني سيحظى بالفرصة للهيمنة على جنوب شرق آسيا، تماماً كما فعل الدب الروسي في شرق أوروبا. وبالتالي، إذا نجح بوتين في الحفاظ على نفوذه، فسيؤدي ذلك إلى نشوء نظام عالمي جديد، وهو ما يجب تفاديه بأي ثمن.

لا انتصار لأحد

يعتبر توضيح الواضحات مشكلة كبيرة، وأجد صعوبة في إقناع أولئك الذين يعتقدون أن الحرب الحالية ستحسم عسكرياً لصالح إحدى الأطراف. فالأمر لا يختلف عن الخيال، وهو من المعروف للأطراف المتحاربة منذ الأسابيع الأولى للحرب.

من الواضح أن المتحاربين قد تعلموا بسرعة أن الانتصار الكامل لأي طرف يعتبر أمراً مستحيلاً، وذلك بدءاً من صعود بريطانيا للمطالبة بتدخل حلف الناتو، ثم صعود بوتين بدوره للتهديد بالقوة النووية. وبعد ذلك، قررت الأطراف الخفض من التصعيد والبحث عن حلول غير مرئية دون الحاجة لعقد مؤتمرات أو توقيع اتفاقيات.

رضيت الأطراف المتحاربة بحلول نصفية بسبب الاستحالة التامة للانتصار، وكانوا يسعون إلى إيجاد حلول غير مرئية وبلا جدوى، دون الحاجة للجوء إلى المؤتمرات أو الاتفاقيات.

بوتين قرر فجأة ضم المقاطعات الأربع إلى روسيا الاتحادية وطلب إنهاء النزاع وفق هذه الحدود، وذلك تحت صدمة الأمر الواقع المأساوي للجيش الروسي الذي بدا واهنًا، والدعم الغربي غير المحدود للأوكرانيين، وهو ما تركه يتخلى عن كييف وأوديسا وإخضاع أوكرانيا.

يسعى الروس اليوم إلى ضم المقاطعات الأربع إلى روسيا الاتحادية والحفاظ على أمنهم القومي في محيط موسكو الاستراتيجي، ويرى أن هذا الحل الوسط هو الأقل خطورة بالنسبة لهم، ولا ينوون الدخول في حرب عالمية.

حلف الناتو يعلم علم اليقين أن الهزيمة الكاملة للجيش الروسي في أوكرانيا ستؤدي إلى تصعيد المستوى الحربي واستخدام روسيا السلاح النووي، وبالتالي يعمل الغرب على ضرب روسيا بضربات متصاعدة لا تكون كبيرة بما يكفي لتدفعهم للاستخدام النووي ولا صغيرة بما يكفي لانتصار الروس.

هذا النهج يهدف إلى الحفاظ على تدفق النزيف الروسي والغربي باتجاه الحل الوسط الذي يتوافق عليه الأطراف المتحاربة.

السؤال الجوهري هو: ما هي طبيعة الحل الوسط الذي يمكن التوصل إليه عمليًا، وهل يمكن أن يتحقق؟!

الصراع ومآلاته

الأطراف الرئيسية المتنازعة هي أوكرانيا والنيتو وروسيا. وتريد أوكرانيا استعادة كامل أراضيها بما في ذلك دونباس والقرم، وبغض النظر عن أي تنازلات مستقبلية، فإنها لن توافق أبدًا على تسليم هذه المناطق الأربع لروسيا. وإذا كان هذا ممكنا، فلن تنتهي الحرب حتى الآن، حتى مع المبادرة الصينية.

بالنسبة لحلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة، فإنه لا يهتم بتفاصيل هذه المناطق، ولكن ينظر إلى الأمور بشكل أكثر استراتيجية.

يرى الناتو الأراضي التي احتلتها روسيا كمكسب استراتيجي كبير، إذ حصلت روسيا على السيطرة الكاملة على بحر آزوف، وأصبح البحر الأسود في جزء كبير منه تحت سيطرتها. واستولت على خيرات مناطق دونباس وخيرسون وزاباروجيا. والأمر الأهم من ذلك كله، هو أن روسيا نجحت في كسر القوانين والأعراف الدولية، وخرجت منتصرة من هذه الحرب، فسيتشكل واقع جديد تماما، يكسر هيبة حلف شمال الأطلسي، والتحالف الغربي، ويؤثر على تماسك أوروبا في المستقبل القريب.

الحرب في أوكرانيا: من التصعيد النووي إلى الحرب الكلية
دول وشعار الناتو


إذا قبل الناتو بالموقف الروسي، فإنه سيشكل تهديدًا حقيقيًا لتماسك الحلف، وخاصة فيما يتعلق بإقناع الأوروبيين بالبقاء تحت مظلته.

فالأوروبيون يدفعون 2٪ من إجمالي ناتجهم المحلي للحلف، وليس من السهل إقناعهم بالبقاء في الحلف إذا لم يتم تقديم ما يكفي من الحماية ضد التهديدات الروسية.

وفيما يتعلق بالجانب الروسي، فقد قام بوتين بخطوة جريئة وخطيرة بالإعلان عن ضم المقاطعات الأربع إلى الاتحاد الروسي، وهذا القرار المتهور والتصعيدي يأتي في لحظة حرجة، في وقت تمكن الأوكرانيون بالفعل من الدفاع عن أنفسهم في خيرسون شمال ضفة نهر دنيبرو واستعادة خاركيف.

أما الجيش الروسي يتراجع بانسحابات عشوائية، والأشخاص الموالون لروسيا يهربون إلى مخيمات للاجئين في الداخل الروسي. وكان على بوتين أن يتدارك هذه الأوضاع الحرجة في الشرق بعد سقوط خاركيف وايزيوم، وأن يثبت للأشخاص الموالين لروسيا في دونباس بالأفعال وليس بالأقوال، بأنهم في حمايتهم فعلًا.

المأزق الروسي

لا يمكن لروسيا أن تترك الأشخاص الموالين لها ضحية للحكومة الأوكرانية. وربما لم يتم التفكير بشكل كافٍ في الجانب الاستراتيجي قبل اتخاذ هذا القرار، لأنه بمثابة حرق السفن الروسية وما وراءها في البحر. وبهذا القرار، قاموا بحرق كل بطاقات التفاوض، وأغلقوا الأبواب أمام المناورات السياسية بشكل يستحيل تماما معه العودة للنقطة صفر.

باختصار، لن يتم قبول أقل من هذه المكتسبات. بوتين نقل الحرب من أراضي الآخرين إلى روسيا بإعلانه ضم المقاطعات. لم يعد جيشه يقتصر على حل المشاكل في محيطه الإقليمي، بل أصبح يدافع عن وجود روسيا خارج حدودها وأقر ذلك في الدستور الروسي.

لتفهم درجة خطورة هذه الخطوة، سأشرح مصطلحًا شهيرًا في علوم السياسة والاقتصاد يعرف باسم "لعبة الدجاج" أو Hawk-Dove. بوتين بدأ يلعب مع الغرب لعبة الصقر- الحمامة، وهو الموقف الذي يتم فيه منافسة على مورد مشترك ويمكن للمتنافسين اختيار التوافق أو الصراع. ويعرف هذا المصطلح أيضًا بوصف التدمير المتبادل المؤكد للحرب النووية وسياسة حافة الهاوية التي شهدها العالم في أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 بين الروس والأمريكان.

المصطلح "دجاجة" يشير إلى شخص ينحني أمام الآخرين ولا يصمد في مواجهة التحديات والمخاطر. لقد بدأ بوتين لعبة التحدي مع الغرب وأكد لهم أنه لن يكون "دجاجة" في هذه اللعبة.

يتم استخدام مصطلحات مثل "الحرب العالمية الثالثة" و "هرمجدون" و "الحرب النووية" بشكل سلبي وممجوج، وقد تم إساءة استخدامها حتى أصبحت مستهلكة ومبتذلة. ويتحدث الناس بكثرة حتى الأطفال عنها.

بالرغم من أن بعض الناس يبدون سخفا في أفكارهم حول الصراعات الدولية، إلا أن الأكثر سخفا هي تلك الأفكار التي تعتمد على عدم حدوث حرب عالمية ثالثة.

الحرب العالمية الأخيرة

قال الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إن السياسيين الذين يعتقدون بعدم إمكانية اندلاع حرب عالمية نووية هم حمقى خطيرين جداً، وأشار إلى أنه يجب عليهم النظر في احتمالية وقوع مثل هذه الأحداث.

من الخطأ التصريح بالثقة فيما يتعلق بما سيحدث في مستقبل الحرب الروسية الأوكرانية، ولكن يمكن للمطلعين على تفاصيل الحرب الحالية والذين يفهمون التاريخ بشكل جيد، التعبير عن آرائهم وتصوراتهم حول ما يجري.

بإعلان الرئيس الروسي ضم المقاطعات إلى روسيا الاتحادية، أعلن بوضوح أن الصراع بين روسيا والغرب وصل إلى مرحلة الحرب الحقيقية، وفتح بابًا لما يمكن أن يصفه هتلر بـ "الغرفة المظلمة".. وبالتالي، يعتبر هذا الإعلان بداية لحرب عالمية.

ستكون الحرب المقبلة مهلكة ومدمرة، ولكن من المستبعد أن يقوم أي طرف بالإفصاح عن نواياه العسكرية بشكل مباشر، على غرار ما حدث في الحرب العالمية الثانية. وبالتالي، فإن الأطراف ستعيش في مرحلة حرب مزيفة.

يتمنى الكثيرون أن يتجنب العالم الحرب المهلكة التي تهدد بها الأحداث الجارية، ولكن قد تطول الحرب المزيفة التي سيعيشها العالم أكثر من الحرب العالمية الثانية، لأن التهديدات الحالية أعلى بكثير من تهديدات القرن الماضي.

متى يمكن أن تتحول الحرب الزائفة إلى حرب مباشرة؟!

إذا قرر الغرب سحب دعمهم لأوكرانيا وتركوها وحيدة، فقد يتمكن الروس من السيطرة على المنطقة بشكل أسرع وبالتالي يزيد احتمال حدوث تصعيد في الصراع.

يبدو أن السيطرة الكاملة للروس على دونباس وإعلانهم انتهاء "العملية العسكرية الخاصة" غير مرجح، ويمكن أن يتصاعد الصراع بنفس وتيرة تصاعد الهجوم الروسي، وقد يؤدي هذا لطول مدة الحرب.

قد تخلق هجمات مضادة ظروفاً مواتية للأوكرانيين لتكرار سيناريوهات خاركيف وخيرسون، ولكن من الصعب التنبؤ باللحظة التي تحدث فيها المنعطف الحاسم الذي يدفع الحرب للتوسع والدخول في مستوى جديد.

من المتوقع أن الدعم الغربي المستمر سيؤدي إلى خسائر روسية ويدفع الروس للتصعيد، ويعتمد هذا التوقع على مقارنة القدرات العسكرية بين المعدات الروسية التقليدية ونظيراتها الغربية.

القادم

يظهر تفوق الغرب في الحرب التقليدية بوضوح، ويبدو أن الروس لا يمكنهم سد هذه الفجوة إلا إذا نقلوا المعركة إلى شكل استراتيجي آخر، كما أن هذا التحول يمكن أن يكون نوعيًا عن طريق الردع النووي، أو كميًا عن طريق التعبئة العامة وإعلان الحرب. وبالتالي، يجب علينا التأهب والتحضير لما هو قادم.

- هذا المقال مبني على دراسة بعنوان: (هل نعيش اليوم مرحلة الحرب الزائفة في الحرب العالمية الثالثة؟!) - نُشرت عن طريق شبكة رؤى لدراسات الحرب

اقرأ أيضا

هل يتجه العالم نحو حرب عالمية ثالثة؟!

COMMENTS

الاسم

اتجاهات وأفكار,8,أحداث من التاريخ,4,أخبارعلمية,1,أسرار تاريخية,12,أعمال مترجمة,3,اقتصاد,8,اقتصاد عالمي,7,الشرق الأوسط,11,أمام العدسة,11,تاريخ,24,تحليلات إخبارية,16,ترجمات علمية,2,ثقافة وأدب,38,حكايات أدبية,4,دراسات ثقافية وأدبية,6,دراماتيك,11,روايات وكتب,12,رياضة,9,سياسة,46,سينما,13,شؤون مصرية,3,شخصيات تاريخية,7,شعر ونثر,17,علوم وتكنولوجيا,11,فلك وفضاء,3,فنون وسينما,32,قضايا معاصرة,19,كرة قدم,9,كمبيوتر وإنترنت,3,مسارات مختلفة,3,مساهمات القراء,39,مقالات وتحليلات,51,ملفات سياسية,42,
rtl
item
صفحة أخيرة: الحرب في أوكرانيا: من التصعيد النووي إلى الحرب الكلية
الحرب في أوكرانيا: من التصعيد النووي إلى الحرب الكلية
المجتمع العنيف والفوضوي يحمل الحروب في داخله، حتى عندما يدعي السعي إلى السلام، تماما كما تحمل الغيوم الماطرة العواصف بداخلها
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEho8qmlITPnyG-fh8Wp3CdZn9_JLHekkjJtK4H7gXuLkEyjeJ7W_4YyDQUI53-5lX6_KypWFVTPRCKs1o8mfkWUbe7PHM1hDjNx81cayBQF3wUZTwsLHjGxaAMlhsfAKo5Px7gwZ6nNWofMZqr4ipS6l_e37qTngdeebOMIq8DDzQpGZAihVGOIYoUl/w640-h334/apocalyptic-374208_1280.jpg
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEho8qmlITPnyG-fh8Wp3CdZn9_JLHekkjJtK4H7gXuLkEyjeJ7W_4YyDQUI53-5lX6_KypWFVTPRCKs1o8mfkWUbe7PHM1hDjNx81cayBQF3wUZTwsLHjGxaAMlhsfAKo5Px7gwZ6nNWofMZqr4ipS6l_e37qTngdeebOMIq8DDzQpGZAihVGOIYoUl/s72-w640-c-h334/apocalyptic-374208_1280.jpg
صفحة أخيرة
https://www.saf7a-a5era.com/2023/04/Ukraine-war.html
https://www.saf7a-a5era.com/
https://www.saf7a-a5era.com/
https://www.saf7a-a5era.com/2023/04/Ukraine-war.html
true
4387532385212111926
UTF-8
Loaded All Posts Not found any posts VIEW ALL Readmore Reply Cancel reply Delete By Home PAGES POSTS View All RECOMMENDED FOR YOU LABEL ARCHIVE SEARCH ALL POSTS Not found any post match with your request Back Home Sunday Monday Tuesday Wednesday Thursday Friday Saturday Sun Mon Tue Wed Thu Fri Sat January February March April May June July August September October November December Jan Feb Mar Apr May Jun Jul Aug Sep Oct Nov Dec just now 1 minute ago $$1$$ minutes ago 1 hour ago $$1$$ hours ago Yesterday $$1$$ days ago $$1$$ weeks ago more than 5 weeks ago Followers Follow THIS PREMIUM CONTENT IS LOCKED STEP 1: Share to a social network STEP 2: Click the link on your social network Copy All Code Select All Code All codes were copied to your clipboard Can not copy the codes / texts, please press [CTRL]+[C] (or CMD+C with Mac) to copy Table of Content