الحكاية بدأت مع بدء ظهور القنوات الفضائية، وتغولها على القنوات الأرضية، فاجتذبت الأولى قطاع أكبر من المشاهدين خارج حدود نفس القطر
الضاحك الباكي: دراما السير الذاتية 2/2
صفية عامر
نجيب الريحاني الضاحك الباكي |
بداية دعونا نتفق أن المقالتين (اقرأ المقالة السابقة من هنا) تتحدثان عن
الشكل الدرامي المجرد، بعيدا عن الشخصية ذاتها ونظرتنا لها سلبا أو إيجابا.
الحكاية بدأت مع بدء ظهور القنوات الفضائية، وتغولها على القنوات الأرضية،
فاجتذبت الأولى قطاع أكبر من المشاهدين خارج حدود نفس القطر. النتيجة كانت مؤثرة
بشكل سلبي على الدراما بشكل عام. بعدما كانت الشركات التابعة للدولة تقوم بدورها
في اختيار النصوص، ثم المخرج لتحديد أبطال العمل، وكان للتليفزيون أبطاله ونجومه
بعيدا عن نجوم السينما، رغم أنه كان يستعين بهم أحيانا، لكن الكلمة كانت لشركات
الإنتاج العامة، قبل أن تنتقل ليد بطل العمل، ولنا هنا عودة لاحقا.
كان التليفزيون يقوم بدوره في تنمية الوعي، فقط قناتان تتناوبان عرض الجديد
طوال العام، مع إنتاج أعمال اجتماعية، جنبا إلى جنب مع التاريخي
والوثائقي، فقد خلدت الدراما رموز الفكر و الأدب.
علماء ورجال سياسة، أنتجت أعمال مثل "العملاق" عن "عباس محمود العقاد"، عمل عن أمير الشعراء
"أحمد شوقي" بطولة "محمود يس" لكنه لم يعرض لأسباب غير معلومة،
إلى أن أعادت قناة "ماسبيرو زمان" مؤخرا، مسلسل "رفاعة
الطهطاوي"، "النديم" عن خطيب الثورة العرابية "عبدالله
النديم"، وهناك مسلسل "بيرم التونسي" بطولة "فاروق الفيشاوي"
و "إيمان البحر درويش". فيلم "مصطفى كامل".
بعض تلك الأعمال
أحدثت ضجة، والبعض طواه النسيان، فالقنوات المتخصصة في عرض الأعمال الدرامية
القديمة لا تذكرها، وغير معلوم هل النسخ موجودة لدى منتجيها أم لا.
عام 1961 أول تجربة لدراما السير كانت فيلم "طريق الدموع" بطولة
"كمال الشناوي" عن الفنان الشامل "أنور وجدي"، وحتى يتلافى
المسائلة القانونية من أسرة النجم الراحل كتب في مقدمة شريط الفيلم:
"حياتنا يرسمها
القدر ويحدد معالمها، نحن جميعاً نسير في طريق مرسوم لا نملك تغييره، وقصة طريق
الدموع كتبتها الأيام وخطها القدر، وأي تشابه بين شخصيات أبطال الفيلم وشخصيات
حقيقية معروفة غير مقصود"
كما
قام بتغيير الأسماء الرئيسية للقصة، فأنور أصبح أشرف وليلى أصبحت فايزة وهكذا.
تلاه فيلم
"ألمظ وعبد الحامولي" عام 1962، الذي تضمن أخطاءً تاريخية فادحة، للهجوم على العهد الملكي،
والتمجيد لثورة يوليو 1952
عام 1966 فيلم كان فيلم "سيد درويش"، على مستوى اختيار البطل كان
ممتازا، لكن المعالجة جاءا بشكل سطحي، ولم يسرد العمل كيف تأثر ببيئته فأحدث تلك
الثورة في الموسيقى، لتكون عابرة للزمن.
ما فائدة إنتاج عمل عن نفس الشخصية ما لم تأت – كمؤلف – بجديد؟، لماذا
اختفى مسلسل "أدهم الشرقاوي" بطولة "عزت العلايلي" لينتج عمل
بنفس الاسم عن نفس الشخصية بمعالجة غاية في السطحية والتفاهة.
فيلم "جمال عبدالناصر" للفنان "خالد الصاوي"، كان دون
المستوى سواء على مستوى الكتابة، أو التنفيذ. شخصية مثل "جمال
عبدالناصر" سواء اتفقت معها أو اختلفت، لا يكفيها فيم من ساعتين.
الشخصية ثرية جدا على المستوى الشخصي والمستوى العام، شهدت حياته محطات
وأحداث محلية، إقليمية، ودولية، يستحق كل منها عمل مستقل بذاته، لهذا كان فيلم
"ناصر 56"
عبقريا.
يجب أن نشيد ببراعة المخرجة "إنعام محمد
علي" في اختيار فريق أعمالها من الممثلين، التي تناولت شخصيات حقيقية، بل
امتدت للشخصيات التي أرادت تسليط ضوء كبير عليها: "قاسم أمين"،
"رجل لهذا الزمان" عن العالم المصري "مصطفى مشرفة"، ليأتي
العمل الأبرز "أم كلثوم"، الكاست كان موفقا بشكل كبير، الممثلون مناسبون
من جانب الملامح: أم كلثوم، رامي، زكريا أحمد، كامل الشناوي، محمد عبدالوهاب،
السنباطي ..... الخ
يحسب للمسلسل
رصده بشكل درامي جميل الحركة الفنية التي كانت أم كلثوم جزء منها؛ شعراء تلك
الفترة الثرية، الموسيقيون و "الألاتية"، الصحافة ورموزها، نجوم الفن
والمنافسون .....
لا ينبغي لنا أن
نهمل مسلسل "أسمهان"، كان على مستوى قوي دراميا
أعمال برز فيها مساوئ
ال "Casting"، والكتابة، أو كلاهما معا:
فيلم
"سلطانة الطرب" عن المطربة "منيرة المهدية"
مسلسل "ملكة
في المنفى" عن "الملكة نازلي" أم "الملك فاروق"
مسلسل "السندريلا"
عن النجمة "سعاد حسني"
مسلسل "العندليب"
عن المطرب الكبير "عبدالحليم حافظ"
مسلسل
"كاريوكا" عن الفنانة "تحية كاريوكا"
مسلسل
"الشحرورة" عن المطربة الكبيرة "صباح"
مسلسل "أبو
ضحكة جنان" عن أسطورة الكوميديا
مسلسل "أنا
قلبي دليلي" عن المطربة الكبيرة صاحبة الصوت المميز "ليلى مراد"
مسلس "الملك
فاروق"
ملاحظة على
الهامش، أن معظم أبطال تلك الأعمال، حتى وإن تلاقوا من ناحية الملامح مع الشخصيات
الحقيقية، إلا أن الإداء لم يقل سوءً، آداء من الخارج لم يصل إلى عمق الشخصية،
الاعتماد الأكبر كان على ما شاهدوه من أعمال هؤلاء النجوم على الشاشة، وطريقتهم في
الكلام، الحركة، اعتقادا أنهم بنفس الكيفية في الواقع.
ملاحطة أخيرة؛ أن كل تلك الأعمال الجيد منها والسيء، جميعها وقع في نفس الخطأ السردي، حيث ظهرت كل الشخصيات ملائكية، لأنه ومع الأسف الهدف إما التمجيد، أو لتمرير العمل بعيدا عن الملاحقة القضائية التي ربما يتسبب فيها الورثة، وكأنهم فوق البشر.
COMMENTS