فشعرت (إيران) بالخطر الداهم إذا استمرت في دعم الأرمن، لأن الآذر على أرضها سينتفضون ضدها، بل وربما يقررون الانفصال عنها والانضمام إلى أذربيحان
إيران وروسيا | أحجار على رقعة الشطرنج
(بقلم / مولانا العارف)
وإن كنت ذكياً بما يكفي فعليك إعادة قراءة تاريخ صانع اللعبة؛ حتَّى تفهمه جيداً وفيما يفكر، وما هي غايته النهائية
رقعة الشطرنج
لعبة السياسة هي بالضبط كرقعة الشطرنج، كل لاعب يدخل اللعبة وفي ذهنه خطة معينة يلعب بها مع حسابات لرد فعل الخصم، وكل لاعب يسعى لهدم خطة الخصم، عن طريقة نقلة تُرْبِكْ خطته، وكل لاعب ينتظر نقلة خاطئة من الخصم لكي يضغط عليه بها، هكذا هي اللعبة على الرُقعة إذا كان الخصمان متكافئان، أمَّا أن تُلاعب صانع اللعبة وواضع قواعدها، ومؤسس رُقعتها فأنت لست في حاجة إلى أن تعترف بخسارتك من قبل أن تبدأ اللعبة. أن تتحرك وقفاً لما أراد صانع اللعبة حتَّى لا تخسر سريعا، وإن كنت ذكياً بما يكفي فعليك إعادة قراءة تاريخ صانع اللعبة؛ حتَّى تفهمه جيداً وفيما يفكر، وما هي غايته النهائية، ومن ثَمَّ تستطيع أن تجاريه في المباراة، أو حتَّى تفوز عليه ببعض الجوالات، أو أن تخسر بشرف. إما أنَّك تنسى كل ذلك، وتخوض اللعبة وأنت يملأك الغرور بقوتك، وتمشي مُختالا زهواً وفخراً بقوتك؛ فتأكَّد أنَّك خاسر لا محالة.
اختارت (روسيا)
و(إيران) نفس المصير لهما كلاعبين علي نفس الرقعة، وأمام نفس الخصم –عفواً- أمام
صانع اللعبة واللعب بنفس الأسلوب لكن مع بعض الفروقات.
إيران
بدأت (إيران)
لعبتها بالموافقة على اللعب وفقا لهوى صانع اللعبة، لكنها كانت تظن أنها ذكية بما
يكفيها، حتَّى ظنَّت أنَّها فازت ببعض الجوالات؛ فأخذتها العزة بالإثم وغرور القوة؛
فغيرت أسلوب لعبها إلى الند بالند، فقرَّرَت نقل نقلة جديدة، كان صانع اللعبة أساساً
قد أغراها بها، فكانت النتيجة أنها خسرت وتخسر كل دقيقة تمر عليها داخل اللعبة،
وهي بعد تلك النقلة الغبية، حوصرت داخل الرقعة ولم يتبقى لها إلا كش ميت.
ولتفسير ذلك
نبدأ السرد.
ثم عمليات اغتيال للعقول المدبرة لتمدد (إيران) الخارجي ومهندسو إدارة ملفات (العراق)، (سوريا)، و(لبنان)، وبدأت بالرأس الكبيرة "قاسم سليماني"
أزمة الرهائن الأمريكية بإيران |
بداية اللعبة
بدأت اللعبة بإحتلال
(العراق)، وأُقيمت الرُقعة الأن. استمرت (أمريكا) في احتلال (العراق) وإدارته
منفردة، حتَّى عام 2011 حينما قررت سحب قواتها، فوجدت (إيران) أنَّ الفرصة قد سنحت
لاحتلال (العراق) وإدارته بدل من (أمريكا)، فقرَّرت التحرُّك، وبالفعل سلَّمت (أمريكا)
أراضي (العراق) إلى (إيران)؛ كطُعم يوثق المحبة من بعد قطيعة -كما يبدو للعيان-
بعد ثورة (إيران) وأحداث أزمة الرهائن في السفارة الأمريكية 1979.
ابتلعت (إيران) الطُعم، وقادت حرب شعواء لتحطيم
ما تبقى من (العراق) واحتلال كافة مفاصله، وزيادة في المكافأة لإيران، وزيادة في إحكام الفخ؛ قرَّرت (أمريكا) توقيع
الاتفاقية النووية التي تسمح لـ(إيران) بتخصيب اليورانيوم في الأغراض السلمية،
فابتهجت (إيران) وأكملت اللعبة وفقاً لإرادة صانعها، ثم بدأت (إيران) تمرح على
الرقعة، ولكن هذه المرة كنِدٍ (كما ظنَّت)، ولكنها في الحقيقة مازالت تلعب وفقاً لإرادة
الصانع.. فدخلت (سوريا) وساندت نظام الأسد، ثم بعد (سوريا) ذهبت إلى (اليمن) وساندت
ميليشيا (الحوثي)، ثم دعمت بكل قوة (حزب الله) في (لبنان)؛ ففتحت على نفسها 4
جبهات ترهقها اقتصادياً واجتماعياً وعسكرياً؛ ظناً منها إن (مفيش ع الحجر غيرها)،
وظناً أنَّ السكوت عن تمددها؛ يعني أنَّها أصبحت خصماً عنيداً ونداً على الرقعة.
أيضاً طمعت (إيران)
مرة أخرى، وقرَّرت تصنيع القنبلة النووية كنقلة أخرى على الرقعة كنِدٍ (ماهي ظاطت
بقى)، فكانت تلك هي النقلة الأخيرة لها على الرقعة، ثم بدأ الصانع في وقف النقلات
الإيرانية، وبدأ بتحريك قطعة تمهيداً إلى (كش مات).
فبدأت (أمريكا)
في ضرب حصار اقتصادي مرعب ومهلك، قضى على اقتصاد (إيران) تماماً، وتسبب في انهيار
عملتها، وزيادة مستويات الفقر والبطالة.. إلى آخره من آثار الحصار الاقتصادي.
قاسم السليماني |
اغتيالات أمريكية
ثم عمليات
اغتيال للعقول المدبرة لتمدد (إيران) الخارجي ومهندسو إدارة ملفات (العراق)، (سوريا)،
و(لبنان)، وبدأت بالرأس الكبيرة "قاسم سليماني" الرجل الثاني في النظام
بعد "خمانئي"، حيث أنَّ رئيس الجمهورية ما هو إلَّا (فردة شبشب) فيما
يخص إدارة الدولة (صورة كده بتتحط علي الحيطة يعني).
ودخلت (إسرائيل)
على خط المواجهة مع (إيران)؛ فبدأت في توجيه ضربات في (سوريا) لميلشيات (إيران)
هناك حتَّي وصلت إلى توجيه ضربات في العمق الإيراني.
ثم حرك الصانع
قطعة جديدة، وهي (أرمينيا) مع (أذربيجان) والدولتان لهما حدود مع (إيران) وعلاقات
تاريخية، لكن الحليف الأقرب هو أرمينيا (راجع مقال الأذر والأرمن). حاولت (إيران)
في أول أيام المعركة (الأذرية-الأرمينية) التدخل لصالح الحليف الأرميني، لكن ما إن
تم نقل بعض المعدات من الحدود الإيرانية إلى الأرمينية، وتفائلت (أرمينيا) بالدعم القادم؛
إلَّا وقد ثارت ثائرة الآذر في (إيران)، وعددهم 13 مليون أذري، فشعرت (إيران) بالخطر الداهم إذا استمرت في دعم
الأرمن، لأن الآذر على أرضها سينتفضون ضدها، بل وربما يقررون الانفصال عنها والانضمام
إلى أذربيحان ( الاحتمال قائم و بشدة حتَّى لو قررت إيران عدم مساعدة الأرمن وهو
ما قد حدث بالفعل). وهنا الجبهة الخامسة بعد
العراق، وسوريا، واليمن، ولبنان.. التي فُتحت على (إيران)، ولكن هذه المرة على أرضها،
وهي أخطر الجبهات على الإطلاق، ولكن مازال هناك جبهات أخرى داخل (إيران) سوف تُفتَح
قريباً لأن صانع اللعبة قرر؛ (كش ميت).
COMMENTS