إن الغاية الأهم من تعلّم أي لغة هي اكتساب القدرة على الممارسة الفعلية لهذه اللغة تحدُّثا وكتابة، وكذلك التفاعل مع المحتوى المماثل لها استماعاً وقراءة
كيف تساعد طفلك على تعلّم اللغات؟ | الصعوبات النفسية (المقال الثاني)
الصعوبات النفسية - المقال الثاني |
في
المقال الأول تحدَّثنا باستفاضة عن أهمية تقديم اللغة للطفل أو للمتعلم بشكل عام
على أنها أداة اجتماعية ووسيلة التواصل والتعبير الأولى، وذلك كله حتى يتمكن من
التفاعل مع المجتمع ومكوِّناته بشكل صحيح.
وكذلك
أشرنا إلى أن التعامل مع اللغات على أنها محتوى نظري أو دراسي فقط سيرسّخ لدى
المتلقّي تصورات خاطئة عن اللغة بمفهومها العام والشامل.. اقرأ المقال الأول من هنا
أما
في هذا المقال فقد أردتُ الحديث عن الصعوبات التي عادة ما تعترض من يتعلمون اللغات
وكذلك تقديم بعض الحلول الواقعية والممكنة لتجاوز هذه الصعوبات، يبقى فقط التنويه
على أن الصعوبات وحلولها في هذا المقال ستُعرَضُ إسقاطاً على اللغة الإنجليزية
وذلك بحُكم تخصُّصي.
مصادر الصعوبات
إن
الغاية الأهم من تعلّم أي لغة هي اكتساب القدرة على الممارسة الفعلية لهذه اللغة
تحدُّثا وكتابة، وكذلك التفاعل مع المحتوى المماثل لها استماعاً وقراءة، وبشيء من
التدبُّر في هذه الغاية يمكنك أن تدرك المصادر التي تأتي منها الصعوبات الخاصة
بتعلّم اللغات ومنها:
1-الجوانب النفسية [الخوف/الخجل/عدم الثقة بالنفس]
عادةً
ما يتعرض من يحاول التحدث بلغة ما سواء كانت العربية الفصحى مع المتحدثين بالعامية،
أو حتى التحدث باللغة الإنجليزية في المجتمعات العربية إلى نظرات تعجّب وأحيانا
سخرية واستهجان! وعلى ألطف الأحوال، فلن يجد تفاعلا كافيا مع محاولاته لممارسة
اللغة.. ردة الفعل هذه تؤدي إلى حالة من الشعور بالخوف من تكرار التجربة وملاقاة
نفس ردود الفعل وهو ما يؤدي غالبا إما إلى إنهاء التجربة بشكل كامل او البحث عن
«بيئة خاصة» تمكّنه من استمرار ممارسة اللغة، وهنا تخرج اللغة للأسف بشكل كبير من
كونها أداة تواصل عامة إلى اقتصارها على بيئة معيّنة وأفراد محددين وهو الأمر الذي
ينتج عنه حالة من الرفض -والخجل أحيانا- للخروج بممارسة اللغة على الملأ أو حتى
مناقشة الفكرة والاقتصار على ذلك في بيئة خاصة.
بالإضافة
إلى الخوف والخجل، فإن ضعف الثقة بالنفس من أهم الصعوبات النفسية في عملية تعلّم
اللغات. وللأسف، فإن المتسبب في ذلك الأمر يكون غالبا من القائمين على عملية تعليم
اللغة وتدريسها بالهيئات التعليمية. فكما سبق وأن أشرنا في المقال الأول لقول
"ابن فارس" في اكتساب اللغة، وأنها تؤخذ اعتياداً كالصبي العربي؛
وبالتالي فإنه ينبغي على المدرس أن يدفع الطالب بصورة إيجابية إلى تجاوز أخطاء
التعلّم والوصول لنواتج فعالة وهو ما لا يتم بشكل صحيح، إن حدث! أضف إلى ذلك
السكون عند موضع الخطأ والتعنيف الزائد للطفل بدلا من بناء ثقة الطفل ومساعدته على
تجاوز الأخطاء وتصحيحها. بينما فى أوساط البالغين الباحثين عن دوائر مناسبة
لممارسة اللغة بشكل عملي وحر، يكون الأفراد المخالطين لهم في هذه الداوئر على
مستويات متباينة في اللغة وغالبا تكون مستويات أعلى، وهو ما يؤدي لحالة المقارنة
الذاتية بين المتعلم وبين هؤلاء الأفراد فيكون الحاصل إحباط يؤدي لنقص الثقة.
• الحلول:
أ- اصنع بيئتك الخاصة
واحدة من الحلول الممكنة بشكل أو بآخر هو تكوين مجتمع مُصَغَّر
له نفس الهدف، وقد تيسّر ذلك الأمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يمكنك
التواصل مع أشخاص لهم نفس الشغف. يمكنك البحث عن مجموعات متعلقة بهذا الأمر عبر
الفيس بوك أو قنوات اليوتيوب والتليجرام، ومن ثم اختيار أفراد للبدء معهم.
ب - بيئة مُنَاسِبة لمستواك اللغوي
يجب عليك اختيار أصدقاء في دائرة مستواك اللغوي
ولهم طموح التطور والارتقاء، فليس من الصواب الدخول في دائرة من أفراد المستوى C1 وأنت في مستوى A1
مثلا أو العكس إلا لو كان الأمر متعلقا بعرَض طارئ أو إفادة ما مؤقتة؛ لكن لضمان
نتيجة فعَّالة لعملية التعلم فالزم دائرة متقاربة المستويات، وكذلك اختر مصادر
مناسبة للمستوى ذاته.
ج - كن أنت
لا يجب عليك التظاهر بإجادتك لمستويات لم تبدأ بها بعد، لأن العواقب
ستكون سلبية بعض الشئ، لاسيما العواقب النفسية.
لكن
بدلا من ذلك؛ احرص على استخدام القدرات اللغوية التي تتقنها بالفعل لا أكثر ولا
أقل، واحرص على اكتساب معرفة لغوية مناسبة؛ خاصة في الجانب الصوتي.. أما ما تراه
من محتوى يتعلَّق بتعليم اللغات - خاصة الإنجليزية - في العالم العربي: فكثير منه
للأسف لا يؤتي ثمار ولا نتائج ممتدة الفاعلية.
فعلى
سبيل المثال؛ بدلا من تصحيح نطق بعض الكلمات كما هو شائع يمكن التركيز على تعليم
الأصوات وقواعدها، وتوضيح آلية خروج الأصوات وصفاتها، ومن ثم تقديم نماذج توضيحية
للقاعدة الصوتية، ومثال ذلك: بدلا من الاكتفاء بتصحيح نطق كلمة computer، يمكن توضيح النطق الصحيح
للحرف O بين ساكنين، والنطق الصحيح للحرف T بين متحركين، ونطق حرفي ER في نهاية الكلمات.. من
هذه القواعد يمكنك ضبط أكثر من ألف كلمة صوتية مع التدريب.
د - كن نموذجا
لا يجب عليك الخجل أو الخوف عند محاولة التحدث إلى شخص ما بالعربية
الفُصحى أو بالإنجليزية ما دام الظرف مناسبا لذلك، ولا يجب الخوف من ردة الفعل والتفكير
في الأخطاء والخوف منها. عليك أن تكون نموذجا لغيرك في هذا الباب حتى تخرج اللغة
من صندوق النظرية، فتوكيد الممارسة ودفع الغير وتحفيزهم على ذلك له نتائج إيجابية
نفسيا ولغويا.
هذه
كانت بعض الصعوبات التي تنتج عن الجوانب النفسية عند تعلم اللغة، مع بعض الحلول
الممكنة للتغلب عليها، في المقال القادم سنناقش مصدرين آخرين من مصادر الصعوبات فى
رحلة تعلم اللغات..
فكونوا
معنا.
COMMENTS