المحاضرة كان ظاهرها تحليل موقف المسلمين الغاضب من الغرب، لكنها في باطنها تحريض للعالم الغربي على العالم الإسلامي، وتوجيه لضرب عقيدة المسلمين في مقتل.
علاقة "برنارد لويس" بمنظومات الاستبداد | نظرة في محاضرة (جذور الغضب الإسلامي)
(بقلم / سيرجي كوربوف)
المستشرق اليهودي برنارد لويس |
برنارد لويس
"برنارد
لويس" هو أحد أهم مستشرقين العصر الحديث أو ما يطلق عليهم المستشرقين الجدد،
وهو من الأشخاص التى سعت حكومات المحافظين الجدد دائمًا على أخذ آرائهم واستشارتهم
في كل ما يتعلق بالشرق الأوسط والعالم الإسلامي عامةً.
وُلد
"برنارد لويس" لأسرة يهودية في مدينة لندن بـ(انجلترا)، اهتمَّ منذ
ريعان شبابه باللغة العبرية، ومن ثمَّ انتقل اهتمامه إلى اللغة العربية والآرامية
واللاتينية واليونانية والتركية والفارسية حتَّى أتقنهم جميعًا.
تخصَّص
"برنارد لويس" في الدراسات الشرقية والأفريقية وتحديدً في تاريخ الفرق
الإسلامية.
لم يكتفي
"برنارد لويس" بهذا فقط؛ فبدأ في دراسة القانون ونال شهادة الدكتوراه
فيه.
خدم "برنارد لويس" في الحرب العالمية الثانية تحت لواء الجيش البريطاني، وبعد انتهاء الحرب سافر إلى (الولايات المتحدة الأمريكية) ليعمل كمحاضر بها حتى حصل على الجنسية الأمريكية.
اقرأ أيضا: المحافظون الجدد | من هم؟ وكيف يتحكمون في السياسات الأمريكية المهيمنة على العالم؟
محاضرة جذور الغضب الإسلامي
في العام
1990 اختارت مؤسسة الوقف الوطني للإنسانيات المستشرق اليهودي الشهير "برنارد
لويس" لإلقاء محاضرة جيفرسون (وهذا هو أعلى تكريم تقدمه الحكومة الفيدرالية
الأمريكية لمن يعمل بمجال الإنسانيات).
عنون
"برنارد لويس" محاضرته بـ(الحضارة الغربية: وجهة نظر من الشرق)، لكن
أعيد نشر المحاضرة في مجلة the
Atlantic monthly تحت عنوان (جذور
الغضب الإسلامي).
المحاضرة
كان ظاهرها تحليل موقف المسلمين الغاضب من الغرب، لكنها في باطنها تحريض للعالم
الغربي على العالم الإسلامي، وتوجيه لضرب عقيدة المسلمين في مقتل، ومحاولة تغييرها
لكي لا تصبح أساس للتمرد على النظام العالمي والصهيونية العالمية والقيم الغربية..
كثير من
ألفاظ وتعبيرات هذه المحاضرة تم استخدامه لاحقًا من كل النُخب المعارضة لأي تصور
إسلامي للحكم (بما فيه التصور القائل بالعلمانية الجزئية للدولة).. تلك النُخب
التي نشأت وكبرت في أحضان المؤسسات الغربية.
تحدث
"برنارد لويس" عن أنَّ الإسلام كدين لا يصلح للتطبيق في العصر الجديد،،
وأنَّه غير قابل للممارسة، وأنَّه دين ضد الإنسانية ويهدد قيم الحضارة الغربية،
كما أنَّه يقف عقبة في طريق التقدم والتطور..
مجلس العلاقات الخارجية CFR | ماذا تعرف عن الصانع الحقيقي للسياسة الخارجية الأمريكية؟!
وصية برنارد لويس
أوصى
"برنارد لويس" بتغيير مفهوم الإسلام في عقول المسلمين من داخلهم، وذلك
عن طريق دعم مؤسسات إسلامية تقوم بتقديم مفاهيم أخرى غير تقليدية وغير شائعة..
مفاهيم مناسبة للحضارة الغربية.
النغمة التي
تحدث بها المستشرق اليهودي الأشهر في القرن العشرين "برنارد لويس"، هي
نفسها النغمة التي يتحدث بها الكثير من النخب العلمانية الداعمة لمنظومات
الاستبداد في العالم العربي.. مما يؤكد أنَّ ما يحدث لنا وما نعيشه ما هو إلَّا
نتاج عمل دؤوب لمؤسسات غربية صهيونية نجحت في اختراق أنظمة الحكم والنخب السياسية
والاجتماعية في العالم العربي والغربي أيضًا.
ما نعيشه
نحن في العقود الأخيرة حدث بنفس الطريقة في القرن الأول الميلادي؛ عندما نجح
اليهود في اختراق (الدولة الرومانية) والسلطة الكهنوتية في (مصر) و(شمال أفريقيا)
و(الشام) و(اليونان) و(آسيا الصغرى).. واستأصلوا بهذا الاختراق ديانة "عيسي
بن مريم" السماوية القائمة على توحيد الله، وفرضوا مسيحية أخرى وثنية بكتب
مُحرفة وعقائد باطلة؛ تُخضِغ المسيحيين لسلطة الرومان السياسية.
محاضرة (جذور الغضب الإسلامي) هي المرجع لكل محاولات تجديد الخطاب الإسلامي أو تغييره، وهي المرجع لكل المسارات المؤيدة للهجوم على النصوص السماوية المقدسة المتمثلة في القرآن الكريم، والتقليل من شأن الرسول محمد صلَّ الله عليه وسلم في قلوب المسلمين..
COMMENTS