حالة من عدم الاستقرار على كل الأصعدة، دول تنهار، أنظمة ترحل، أنظمة تستميت في القتال للبقاء، اقتصاد ينحدر بسرعة نحو جوف الأرض، طائفية غير مسبوقة.
الفوضى الخلَّاقة (1) | الغائب الحاضر
ذاكرة السمك
الفوضى الخلاقة هو المصطلح الغائب
الحاضر؛ غائب لأنَّه لم يعد أحد يتحدث عنه كثيرًا بل يكاد يكون تم نسيانه تمامًا
من أذهان وعقول الأغلبية الساحقة من الشعوب العربية والمسلمة، من عقول وأذهان النُخب
قبل حتَّى عقول وأذهان العوام.
السبب في نسيانه ينحصر في ذاكرة السمك التي يمتلكها
العرب قاطبة، تلك الذاكرة التي تتعمد نسيان ماضيها وتاريخها قريبًا كان أو بعيد، وهذا
التعمد ليس نابعًا من الجهل المرعب الذي تملك من عقول وتفكير أغلب العرب، وهو جهل
نابع من تجهيل مُتعمَّد على مدار سنين طويلة، أدواته هي الطبقات الحاكمة التي تنفذ
مخطط التجهيل بغرض خدمة مواقعها على سدة الحكم ولكنها لا تعلم أو حتَّى تعلم أنَّها
تنفذ مخطط النظام العالمي لتجهيل القدر الأكبر من الشعوب؛ وذلك لإحكام سيطرته
المطلقة على طبقات الحكم وكامل المحكومين.
ما علينا، كان هذا توصيف بسيط لمعنى الغائب..
اقرأ أيضا: السرطان البني إسرائيلي
المعنى الحاضر
أمَّا الحاضر من هذا المصطلح (الفوضى
الخلَّاقة) فمعناه بكل دقة ما نشاهده من حالة السيولة المستمرة في المنطقة العربية،
تلك الحالة التي بدأت منذ حرب (العراق) و (إيران) وهو التاريخ الدقيق لبدء تطبيق
مصطلح الفوضى الخلَّاقة على الأرض، تلك الحالة التي بدأت ومازالت مستمرة، حالة من
السيولة الرهيبة في أحداث المنطقة العربية، اجتماعية كانت أو اقتصادية، عسكرية،
سياسة، وحتَّى دينية..
حالة من عدم الاستقرار على كل
الأصعدة، دول تنهار، أنظمة ترحل، أنظمة تستميت في القتال للبقاء، اقتصاد ينحدر
بسرعة الصاروخ نحو جوف الأرض، طائفية غير مسبوقة، دماء في كل مكان وفي كل بقعة،
مشردون، ثكلى، أرامل، أيتام، مختفون قسريا، مغدرون، سحق قيم الأسرة، فشل التعليم، وفساد
في كل شيء، شيوخ تعبد الحكام وتريد تحويل الشعوب إلى عبدة حكام، منافقون، والقائمة
مرشح لها الانضمام لعشرات وعشرات الكوارث التي هي من قبيل السيولة المستمرة في المنطقة،
تلك السيولة التي لا تخدم أي دولة ولا شعب ولا نظام فيها، وإنما تخدم مصالح النظام
العالمي فقط في إرساء قوانينه وقواعد حكمه في تلك المنطقة تحديدًا..
وإقامة نظامه الجديد المبني على
تفتيت كامل منطقة الشرق الأوسط وإنهاء كل القوى القديمة فيها لصالح قوة واحدة فقط (يا
ترى من هي)،
ولسنا في حاجة إلى ذكر اسمها فهو
أوضح من الشمس في كبد السماء في منتصف أغسطس.
حسنًا، كان هذا هو تعريف الفوضى الخلَّاقة..
وتبقى عدة أسئلة مهمة..
من أين جاء المصطلح؟
ومن هم واضعي أساسه؟
ومن قام بتنفيذه وما هي النتيجة
النهائية له؟
كل هذا في مقال جديد قريبًا إن شاء
الله
COMMENTS