تدور أحداث فيلم (up in the air) زمن الأزمة الاقتصادية العالمية في العقد الأول من القرن ال 21.
فوق في الجو | حين يكون السقوط لبث الروح وضخ الحياة
(بقلم/ صفية عامر)
فيلم up in the air |
في البداية لا يكون الأمر سهلًا،
تستصعبه، ثم يؤلمك، ولكن مع التكرار تعتاد ويصبح الأمر سهلًا كشرب كوب من الماء. هكذا
بدأ الأمر –بحسب توقعي- مع "ريان بينجهام" حتَّى اعتاد.
تدور أحداث فيلم (up in the air) زمن الأزمة الاقتصادية العالمية في العقد
الأول من القرن ال 21.
"ريان" يعمل في إحدى الشركات المتخصصة
في مساعدة الشركات الأخرى في تخفيض عدد موظفيها. الشركة دورها توفير تأمين نقدي
فترة زمنية محددة، مع اقتراحات بمزاولة مهن أخرى، هوايات لمواجهةالواقع، وهي
النقطة التي تميز "ريان" عن غيره.
هنا نقف عند أول ملمح وهو أن مرتب
"ريان" قائم على قدرته على امتصاص ألم المحالين للتقاعد، وكلما مرت
الجلسة مع الموظف بسلام كلما أثبت "ريان" كفاءته.
تلك الوظيفة سمحت ل "ريان"
بالسفر بين الولايات الأمريكية طوال الوقت، أصبح صاحب خبرة طويلة في تجهيز حقيبة
السفر، كإنسان آلي أصبح الأمر لا يكلفه سوى دقائق معدودة. يسعى لحلم واحد وهو أن
يدخل نادي ال 10 ملايين ميل حتَّى يحصل على بطاقة طيران مجانية طول الحياة.
"ريان" يلقى محاضرات في التنمية البشرية، نشاهد منها مقطع عن كيفية
التخفف من الأحمال النفسية والجسدية، والتي يطبقها حرفيًا على نفسه، يعيش متنقلا
بين مطارات الولايات المختلفة لضمان فصل آمن وبلا مشاكل وتعقيدات لأصحاب الشركات،
علاقات سريعة بالنساء لا مسئولية فيها.
مشهد من فيلم up in the air |
https://www.youtube.com/watch?v=UsRP9EUrXjo
اقرأ أيضًا: فيلم بابليون (papillon) | السعي إلى الحرية
تأتي اللحظة الخطيرة حين يتم تعيين
وجه جديد في الشركة "ناتاليا"، والتي تقترح أن يتم الاعتماد على
التكنولوجيا الحديثة بتقنية "الفيديو كونفرنس" لإقالة الموظفين، كبديل
لرحلات الموظفين المكوكية وتوفيرًا للنفقات.
التهديد المباشر لـ"ريان"
هو ابتعاده عن تحقيق حلمه بالبطاقة المجانية، بجانب أنَّ السفر هو ما يجعله يشعر بالحرية
بعيدًا عن البشر والحجر، لهذا لا يدخر جهدًا لمنع تلك التكنولوجيا من أن تجد
مكانها، ويستطيع إقناع مديره بالتخلي عن الفكرة مرحليًا، ليأخذ "ناتالي"
في إحدى جولاته لترى بنفسها أنَّ الأمر ليس بتلك السهولة.
https://www.youtube.com/watch?v=UCmBK9cGYO4
تخضع "ناتاليا" ليبدءا
التجوال معًا في رحلتهما لإقناع الموظفين المفصولين بقبول الاستغناء عنهم.
بالتوازي يعيش "ريان" علاقة سريعة مع "أليكس"، تشبهه في كثير
من الصفات، نستطيع القول أن "أليكس" هي النسخة النسائية منه لهذا يكون
اندماجمها سريعا دون أية التزامات من جانب أيًا منهما تجاه الآخر، إلى أن يتعلق
بها بشكل مختلف عن سابقاتها لدرجة أن يدعوها لحضور حفل زفاف شقيقته الصغرى.
"ناتالي" تنهار تماما بعد انتحار
إحدى الموظفات والتي سبق وأن أقرت بأن هذا هو ردها على قرار الفصل، ولم تأخذها هي
أو "ريان" على محمل الجد.
"ناتالي" تمثل الجيل الجديد،
الذي يتعامل مع أحدث وسائل التكنولوجيا، إلَّا أنَّ الشعور والإحساس بالغير لم
يموتا فيها بعد. لم تتحمل ما لمسته بنفسها من معاناة الموظفين، ومحاولاتهم ترتيب
أوضاعهم المادية والعائلية مع الواقع الجديد، مما يدفعها للاستقالة.
"ريان" بعيدًا عن
التكنولوجيا الحديثة، ويبدو قريبًا من البشر على النقيض من "ناتالي"، لكنه
بعيدًا عنهم فيه عالمه الخاص. إمَّا عاليًا في الجو، أو في محاضرات ال "Life
Coatchin"، أو في نزواته العابرة. ومع ذلك ساعده
تبلده في التعامل القوي والذكي مع الحالات التي قابلها وما زال.
"ريان" كان يهرب من نفسه
دون أن يدري إلى أن تصدمه الحياة بشكل أشد قسوة، ليكتشف أن لديه مشاعر كالآخرين
لكنه استهان بها.
فوق في الجو | حين يكون السقوط لبث الروح وضخ الحياة |
https://www.youtube.com/watch?v=wGZRkfw_ZtA
اقرأ أيضًا: دراماتيك | الـBookman ودرجة حرارة 451 فهرنهايت
بينما تمثل "آليكس" واقعه
المادي والقاسي، إلَّا أنَّ "ناتالي" هي "ريان" قبل أن يجرفه
تيار الحياة ويبتعد شيئا فشيئا عن نفسه وعن إخوته وعن البشر. "ناتالي"
هي الجزء النقي الأصيل فيه، والذي بقي حيًا رغم الزمن.
يُذكر أنَّ الفيلم رُشِّح لستة جوائز
في مسابقة ال "جولدن جلوب" وفاز بجائزة أفضل سيناريو، وهو نفس العدد
الذي رشح له في جوائز الأوسكار، لكن لم يفز بأيا منها.
COMMENTS