تستمع إلى الكثیر من الأمنیات، ولكن عندما وُجه السؤال لي، وقد كنت دائمة التھرب منه، إلّا أنني اضطررت إلى الإجابة ذات مرّة، فقلت: "أنا لیس لي أمنيات"
أمنیات
العام الجدید | ميساء الخطيب
في
كل عام یتناھى إلى مسامعك السؤال ذاته: "ما ھي أمنیاتك في العام
الجدید؟"
تستمع
إلى الكثیر والكثیر من الأمنیات، ولكن عندما وُجه السؤال لي، وقد كنت دائمة التھرب
منه، إلّا أنني اضطررت إلى الإجابة ذات مرّة، فقلت: "أنا لیس لي
أمنیات!"..
بكل
بساطة كانت هذه إجابتي، ولكن من سألني اعتراه ذلك الاندھاش الذي یُظھِر على الوجه
بعض البلاھة، لیسأل سؤالًا آخر، أظنه أغبى من السؤال الأول: "وكیف لیس لدیك
أمنیات؟ ھل تحققت كل أمنیاتك؟ أم أنه لا ینقصكِ شيء في ھذه الدنیا على
الإطلاق؟"
قُلت
له - وأنا أحاول البحث عن كلمات تتناسب مع فھمه: "في الحقیقة نحن بحاجة دائمة
لأي شيء في حیاتنا، فطلباتنا لا تنتھي، ولیس بالضرورة تحقیق أمر ما ربما فیما بعد
تقل أھمیته لنا، بل في بعض الأحیان یخسر قیمته لدرجة نتمنى ألّا یحدث، لیصبح الأمر
عكسیًّا، إذن ما الفائدة من التمني؟"
قال: "أنتِ كالعادة تُفلسفين الأمور"
وكأن
الفلسفة من وجھة نظره ما ھي إلّا كلامٌ لا تُفھَم معانیه، فآثرت السكوت كعادتي،
ولكن لم یرُقْ للسائل ذلك، فھو يريد أن یعرف دون استدراك المعنى بإعمال عقله.
قلت
له: "قل لي أنت ما ھي فائدة سؤالك ھذا؟"
أجابني
ضاحكًا: "للتسلیة لیس إلّا"
-
"وما دمت تسأل للتسلیة فمَا حاجتك لإجابةٍ لیس فیھا حس
للدعابةِ، أو الفكاھة ولا شأن لھا بھا؟"..
تھرّب
من الإجابة، بل وغَرُبَ عن وجھي.
لم
أكن سوداویة كما یظنني البعض، ولكني واقعیة حتى النخاع، الأمر لیس فیه شيء من المُتعة،
فماذا لو تمنیت أمرًا ولم یتحقق؟
حتمًا
سأشعر بخیبة أمل وقد أصاب بالاكتئاب والحزن الشدید، ونحن نعلم أن لیس كل ما نتمناه
ندركه، لذا أفضل أن لا أضع سقفًا للتوقعات، وأن أنتظر المفاجأة تلو الأخرى، فإن
كانت سعیدة فرحتُ بھا وشكرت ﷲ، كما لو كنت طفلةً صغیرة تفرح بھدیة مفاجئة لھا، وإن
كانت تلك المفاجأة غیر سارة أو بالأحرى حزینة؛ سأحزن ولكن لیس بشكلٍ مضاعف حین كنت
أنتظر شیئًا ما لا یشبھه.
فلماذا
أجعل من سنة لا تقدم ولا تؤخر وإنما ھي رقمٌ جدید یضاف على أعمارنا، وفي الواقع ھو
یقللھا لا یزیدھا.
COMMENTS