برنارد لويس، المؤرخ البارز في الشرق الأوسط، كان له دور كبير في تشكيل النقاشات السياسية والأكاديمية بشأن العلاقات بين الغرب والعالم الإسلامي

برنارد لويس والشرق الأوسط: البداية والتحولات والمواقف

 

برنارد لويس

المقدمة

في منتصف الستينات من القرن العشرين، ظهر برنارد لويس كمعلق بارع على الأحداث والتحولات في منطقة الشرق الأوسط. كان تحليله للصراع الإسرائيلي الفلسطيني وظهور الإسلام الجهادي من بين أبرز أعماله، ما أسهم في اكتسابه شهرة عالمية وأثار جدلاً واسع النطاق. يعتبره البعض من أبرز الأصوات الناقدة للصهيونية في العالم الأكاديمي الشمالي الأمريكي لقوته المعرفية.

 

رحلة برنارد لويس

 

برنارد لويس، المؤرخ الأمريكي البارز، اشتهر بدوره الهام في الدراسات الشرقية والعلاقات الدولية. أصبحت نصائحه السياسية ذات وزن كبير بفضل خبرته البحثية العميقة. لقد وصف نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني برنارد لويس بأنه "مصدر حكمة يجب اللجوء إليه يوميًا من قبل صناع السياسة والدبلوماسيين والأكاديميين ووسائل الإعلام".

 

الأبحاث والتحولات

 

برغم أن لويس كان يتبنى في بداياته الآراء الماركسية، إلا أنه بدأ يتخلى عنها تدريجياً، وذلك خلال كتابه "أصول الإسماعيلية: The Origins of Ismailism". فيما بعد، تطوّرت آراءه لتشمل مواضيع مختلفة تتعلق بالدراسات الشرق أوسطية، وأصبح يعارض تيار اليسار الذي أصبح جزءًا مهمًا من المشهد الأكاديمي للعالم الثالث.

 

الروابط الإقليمية

 

برنارد لويس دعم بشكل قوي العلاقات الوثيقة بين الغرب ودول إسرائيل وتركيا. وجعل من تركيا محط اهتمام خاصة، نظرًا لجهودها في تحقيق التطور والاندماج مع العالم الغربي. وهو زميل شرفي في مؤسسة الدراسات التركية.

 

آراءه حول الإسلام

 

في كتابه "الإسلام: الدين والناس"، قدم برنارد لويس بعض الاستنتاجات حول الثقافة الإسلامية والشريعة وظاهرة الجهاد والإرهاب الحديث. واعتبر الجهاد التزامًا دينيًا مميزًا، لكنه أشار إلى أن الأشخاص المشاركين في أنشطة إرهابية غالبًا ليسوا على دراية كافية بدينهم. وأكد أن المحاربين المسلمين ملزمون بعدم قتل النساء والأطفال والمسنين ما لم يتعرضوا للهجوم، وبأنهم يجب أن لا يعذبوا الأسرى، وأن يلتزموا بالاتفاقيات. وفي نظره، لم يشهد التاريخ الإسلامي استخدام الإرهاب كما يحدث في العصر الحديث.

 تسوق من بين مئات العطور المختلفة

برنارد لويس أشار إلى أن التفجيرات الانتحارية المنتشرة اليوم تعد ظاهرة غير مسبوقة في التاريخ الإسلامي، وليس لها مبرر في اللاهوت الإسلامي أو الشريعة أو التقاليد. ورفض بشدة الاعتقاد الخاطئ بأن المحاربين المتطرفين يقدمون خيارًا بين القرآن والسيف، معتبرًا ذلك لا يمت للواقع بصلة. وأكد على تقدير الإسلام للكفار بشكل أفضل من الممارسات الموجودة في العالم المسيحي، حتى قبل ظهور العلمانية في القرن السابع عشر.

 

الاستنتاج

 

برنارد لويس هو شخصية بارزة في دراسات الشرق الأوسط والعلاقات الدولية، وتألق بفضل تحليلاته العميقة وآرائه حول الإسلام والتحولات الإقليمية. ترك بصمته على فهم الصراعات الإقليمية ودور الإسلام في القرن العشرين، وأسهم في تشكيل النقاشات الأكاديمية والسياسية حول هذه القضايا.

 

موقفه من حرب العراق

 

في عام 2002، أثار برنارد لويس الجدل بمقال نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" بعنوان "زمن الإطاحة" حيث دعا إلى تعزيز حرب العراق. في هذا المقال، أعرب لويس عن رأيه بأن "تغيير نظام الحكم قد يكون خطيراً، ولكن أحياناً تكون مخاطر التراخي وعدم الفعل أكبر من مخاطر الفعل". وبهذا، أعطى تأييده للتدخل العسكري في العراق بهدف الإطاحة بنظام صدام حسين.

 تسوق من بين مئات العطور المختلفة

تأثير لويس في تعزيز حرب العراق كان كبيرًا، وفي عام 2007، وصفه جاكوب وايسبرج بأنه "ربما يكون أهم تأثير فكري وراء غزو العراق". بالإضافة إلى ذلك، أسهم ميخائيل هيرش في تصاعد الدعوات إلى تغيير نظام الحكم في العراق، واعتبر أنه يمكن أن يساهم في "تحديث الشرق الأوسط".

 

موقفه من تصدير الديمقراطية إلى الدول الإسلامية

 

وبالرغم من دعم لويس لتغيير نظام الحكم في العراق، إلا أنه كان حذرًا من فرض التحرر والديمقراطية على الدول الإسلامية. في عام 2008، أكد لويس أن هناك أمورًا لا يمكن فرضها، مثل التحرر والديمقراطية. وقد قال: "الديمقراطية دواء قوي بشدة يجب الإشراف على إعطائه للمريض بجرعات صغيرة، متدرجة التزايد. وإلا تخاطر بقتل المريض. عامة، على المسلمين أن يقوموا بذلك بأنفسهم".

 تسوق من بين مئات العطور المختلفة

إيان بوروما في مقاله "عقليتا برنارد لويس" أشار إلى أن موقف لويس من تصدير الديمقراطية والتحرر إلى الدول الإسلامية كان متناقضًا، وذلك لأنه صرح سابقًا بالحذر من فرض الديمقراطية في العالم الإسلامي. وبالتالي، كان من الصعب توافيق موقفه بين دعمه لتغيير نظام الحكم في العراق وتحذيره من فرض الديمقراطية في العالم الإسلامي.

 

ختامًا

 

برنارد لويس، المؤرخ البارز في الشرق الأوسط، كان له دور كبير في تشكيل النقاشات السياسية والأكاديمية بشأن الشرق الأوسط والعلاقات بين الغرب والعالم الإسلامي. تأثيره في دعم حرب العراق وموقفه المتناقض من تصدير الديمقراطية يمثلان جوانب مهمة من تطوره كمفكر وباحث. تظهر هذه المعلومات كيف يمكن تقديم رؤية متوازنة لمساهمة برنارد لويس في الدراسات الشرقية والعلاقات الدولية.

اقرأ أيضا

فلسفة الخوف