في رأيي مكاسب إسرائيل المستقبلية إن سارت الأمور كما هى على خشبة المسرح، ولم يحدث تغير كبير مفاجئ
نعم إنها مسرحية: الضربة الإيرانية في ميزان الصراع
إيران - إسرائيل |
لكن ما حدث حتى
الآن هو مجرد رفع الستار والإعلان عن أبطال العرض المسرحي، لكن لم تبدأ المسرحية
بعد وإنما أعلنت عن بدايتها.
وإن كانت النتائج
الأولية لفتح الستار هو حفظ ماء الوجه لأبطالها..
قبلة الحياة لنتنياهو والملالي وبايدن، لكنها قبلة مؤقتة سرعان ما سينتهي تأثيرها، فمكاسب الملالي أن الضربة قد رقعت ثوب النظام المهلهل فى وجه محكوميه، وأوصلت رسالة لمعارضيه أنه مازال قوي ويقدر على الردع!!
وردع من؟!
إسرائيل.. الفتى المدلل للنظام العالمي التي لم يقدر على ردعها ٢٢ دولة عربية منذ
حرب ٤٨، وأنه فقط من تجرأ على قصفها.
لكن هذا مؤقت، ومؤقت
جداً، لأن مخرج العرض المسرحي يعلم جيدا كيف يصنع المشاهد وكيف يستغلها لتخديم على
عرضه.
أما بايدن الخرف
الذي يلعب دور المهرج في هذا العرض قد طار فرحا بما قدمه لإسرائيل من أجل ضمان أصوات اليهود والدعم المالي من منظماتهم في حملته الانتخابية التي أصبح
صراعها الآن بينه وبين ترامب هو كيفية كسب ود إسرائيل ومن خلفها من نُخَب المال،
لذلك انبرى يفخم من دور أمريكا في التنسيق للضربات، وفي تحديد التوقيت، وفي الرد
بقواته من أجل إفشالها.. مع أنه يعلم التوقيت ومسارات الضربة، لكن في العمل
المسرحي لابد من إضافة عامل المفاجأة للمُشاهد حتى لا يمل.
لكن أيضا مخرج
العرض كما قلت يعلم متى وكيف يحرك الأحداث بما يخدم مسرحيته، أما نتنياهو وإن كان
قد حصلت حكومته على قبلة حياة ونجاة من الضغط الداخلي عليها والموقف الدولي مما
يحدث في غزة واستعصاء الأمور في شهر الحرب السابع، إلا أن هذه ليست قبلة حياة
شخصية له أو لحكومته، وإنما هي مزيد من الطاقة تم شحنها للكيان سواء بقيت حكومة
نتنياهو أو رحلت، فالعمل السياسي ومكاسبه في إسرائيل مختلف تمام الاختلاف عن باقي
أنظمة العالم.
فالكيان كتلة
واحدة لا تتجزأ أهدافه ولا مسارات تحقيقها باختلاف من هو على رأس السلطة فيه.. كل
من يأتي للحكم، ما هو إلا لبنة في جدار هذا الكيان، وهذا إن أردت التعرف عليه عليك
بمتابعة منحنى الكيان منذ النشأة حتى الآن، فمع تغير عشرات الحكومات بعشرات
الأفكار، إلا أن المنحنى صاعد وبشكل مستمر، ولن تجد له منذ قيامه إلى اليوم أي
فترة انحناء للأسفل أو تراجع.
هذا الخط
البياني صاعد وإن كان ببطء، إلا أنه دائما فى صعود.
حسنا، فالمكسب
الآن ليس نتنياهو أو حكومته وإنما للكيان حالا ومستقبلا..
ما هو المكسب؟!
في رأيي مكاسب
إسرائيل المستقبلية إن سارت الأمور كما هى على خشبة المسرح، ولم يحدث تغير كبير
مفاجئ، فإن إسرائيل اكتسبت شرعية دولية كبيرة ودعم دولي ضخم في حال قررت الهجوم على
إيران داخل أراضيها، وهذا اتضح و بشدة من ردود الأفعال الدولية للكبار من إدانة أو
مشاركة في صد الهجوم، ومن مكاسبها أيضا توحيد الجبهة الداخلية السياسية وتحضير
المجتمع اليهودي لدخول حرب أكبر، كانت غزة هي تمرينها..
ومن مكاسبها أنها
أكدت لدول المنطقة العربية وتحديدا الخليج أنها قادرة على ضرب البعبع الإيراني وأن
مصالح الخليج معها فقط بعد أن أكدت من خلال حرب غزة وضربة السفارة الإيرانية وصد
الهجوم، أنها هي صاحبة القرار والرأي والسُلطة على أمريكا، وليس العكس كما كان
يبدو، ومن هنا على الخليج أن يسارع الخُطى للانضواء تحت راية إسرائيل، ليس فقط
لكسب ود النظام العالمي وأمريكا، بل لكسب
ود السيد الجديد للمنطقة الذي يستطيع أن يُحرك أساطيل العالم وجيوشه لحمايته الآن
وللقتال معه مستقبلا، وهذه رسالة قد وصلت المنطقة من خلال حرب غزة أو العرض المسرحي
الإيراني الذي بدأت فصوله بالفعل، فالخليج هو الحاجز الأرضي بين حدود إيران وإسرائيل
أي أنه قد يكون مسرح الحرب بينهما عندما يتقرر تصعيد العرض المسرحي إلى شيء من
الإثارة وفي هذه الأثناء لابد للخليج لمن يدافع عنه ويحميه من فكي الرُحَى إيران وإسرائيل،
ولا سبيل إلى ذلك إلا بمعاونة إسرائيل وتقديم فروض الطاعة والولاء لها إما لإيقاف
العرض المسرحي أو المشاركة فيه، فما أسوء حظ الخليج، وهذا وما بعده من مكاسب سوف
يرثه أي حكام جدد لإسرائيل.
فكل من يقود هو
يمهد للذي يليه حتى يستكمل المنحنى رحلته في الصعود، ومكاسب أخرى أحرزتها إسرائيل
منها غرس و جر رجل النظام الأردني ليكون أول حائط صد للهجمات القادمة من إيران،
بمعنى آخر كالحمار الذى يضعونه في المقدمة أثناء الدخول إلى حقول الألغام، أو قل
ما شئت من تشبيهات، لكنها في النهاية ستصب في أن النظام الأردني قد اختار أن تكون
أراضيه أول خط دفاع لإسرائيل من ناحية إيران، وهكذا.
قد أتجنب الحديث
عن سورية ولبنان وما قد تحققه إسرائيل من مكاسب، ذلك لأنها تجنيها منذ فترة طويلة
حتى وإن لم تحدث الضربة المسرحية لإيران فكانت ستظل تنجنيها، وأما في غزة، فلا
نقول إلا "اللهم بردا وسلاما عليها".
أنا هنا لا أعظم
في إسرائيل ولا أعطيها أكبر من حجمها، لكن فقط أشرح رأيي وأوضح من كسب ومن سيخسر
من هذا العرض المسرحي الأولي، فقط أقول إن القادم بما يعيشه العالم الآن ومنذ
سنوات مضت.
هذا القادم لا
يبشر نهائيا أن العرض المسرحي قد انتهى أو أنه كان فقط مجرد إعلان دعائي وإنما أقول
بما يعيشه العالم الآن.
قراءة الوضع
الاقتصادي العالمي تقول أن الأمور تسوء كل يوم، وهذا يمكنك مشاهدته من ارتفاع الذهب،
فالذهب هو المعيار الوحيد الذي يدلك على الوضع الاقتصادي العالمي، فكلما ارتفع
سعره وحصلت الهرولة ناحيته، لابد أن تتأكد أن هناك كارثة قادمة في اقتصاد العالم، فالذهب
تاريخيا هو الملاذ الآمن والأخير في الأزمان والأزمات الاقتصادية الكُبرى واليوم
قصد وصل إلى أعلى سعر له في تاريخه أي وصل الدولار سيد عملات العالم إلى أدنى سعر
في تاريخه.. العلاقة عكسية، كلما زاد الذهب انخفض الدولار، وأوشك النظام المالي
القائم عليه على الدخول في أزمة طاحنة، وللخروج من تلك الأزمة، يقول التاريخ لابد
من سلسلة حروب أو حرب كبرى وهذا ما نراه يتحضر على نار هادئة منذ الانسحاب
الأمريكي من أفغانستان وبداية حرب روسيا وأوكرانيا كنقطة وشرارة حرب كبري، أي أن
العالم يتحضر لحرب كبرى من أجل إعادة هيكلة نظامه الاقتصادي مرة أخرى أو ربما
انهياره وإقامة نظام جديد بالكلية سياسيا واقتصاديا، فطبول الحرب لم تتوقف منذ
سنين، لكنها كانت غير مسموعة ومع الوقت أصبحت تسمع الأن..
وللمزيد ارجع إلى
مقال "الأجواء المثالية للحروب العالمية".. العالم يتحضر لشيء كبير قد
يفرغ ساحة الشرق الأوسط من أمريكا وحلفائها، لذا لابد من سيد آخر يحمي القطيع، فهل
سيقبل القطيع بإيران أم بإسرائيل كسيد جديد؟ لذا أقول أن العرض لم يبدأ بعد وأن قادم
المشاهد والفصول أكثر إثارة..
فلنستمتع جميعا.
COMMENTS