دراما وحاجات فوق بعض | الناقد بين الفنان والمشاهد (1)

SHARE:

لا أملك معلومة موثقة عن حال الناقد الفني في بلاد الغرب، من ناحية تعامل نجوم وجمهور الدراما معه، هل الجمهور حريص على قراءة مقالاته النقدية

 دراما وحاجات فوق بعض | الناقد بين الفنان والمشاهد (1)

(بقلم/ صفية عامر)

دراما وحاجات فوق بعض | الناقد بين الفنان والمشاهد (1)
النقد والتحليل الفني

لا أملك معلومة موثقة عن حال الناقد الفني في بلاد الغرب، من ناحية تعامل نجوم وجمهور الدراما معه، هل الجمهور حريص على قراءة مقالاته النقدية والاسترشاد بها قبل أو بعد مشاهدة العمل؟ ، هل يعتبرها شيء ذو قيمة وهام لتحفيزه على مشاهدة العمل أو الإعراض عنه؟، هل الفنان يتابع ردود فعل المتخصصين في عمله الفني، قدر اهتمامه بعائدات شباك التذاكر؟ 

اقرأ أيضًا: فيلم pink.. لأ يعني لأ | كيف تخطت الدراما  المحلية الزمان والمكان!

بقليل من البحث، نستطيع أن نجد بعض الإجابات. هالي بيري عام 2004 مُنحت جائزة "اللؤلؤة السوداء" والتي تقدم لأسوء ممثل وممثلة سنويا فذهبت واستلمت جائزتها بنفسها. وتعتبر الجائزة نقطة سوداء في تاريخ الفيلم أو الممثل وتظل تلاحقه في مستقبله الفني، وهناك بعض الفنانين استلموا الجائزة بشكل شخصي، كمثال على خفة دمهم واستيعابهم للأمر مثل هالي بيري وبين أفليك، في مقابل مرشحين لم يستلموها كان النجم جون ترافولتا وسلفستر ستالوني. لم يسلم منها مخرج بحجم جيمس كاميرون، ولا ليوناردو دي كابريو، وآل باتشينو كذلك

 

 

 

جائزة "جولدن جلوب" والتي تعتبر من أرفع جوائز السينما الأمريكية، وينظر إلى ترشيحاتها وجوائزها كمؤشر لما ستفسر عنه جائزة "الأوسكار"، وينظر لها باحترام وتقدير كبيرين من قبل نجوم السينما في العالم أجمع. الجائزة مسؤول عنها رابطة هوليوود للصحافة الأجنبية ( Hollywood Foreign Press Association)‏، وتتكون من الصحفيين العاملين في مجال تغطية الصناعة الترفيهية في الولايات المتحدة لصالح جهات وأطراف متنوعة، وتضم حوالي 90 عضواً من 55 بلد، ويصل عدد جماهير قرائها إلى أكثر من 250 مليون نسمة

 

لكن الحال ليس هو في البلاد العربية، فإعلاميا يُصب الاهتمام غالبا على أبطال العمل الفني، لا على الكاتب أو المخرج. فقليل من فرضوا أسماؤهم من الكتاب والمخرجين على وسائل الإعلام، وجعل العمل الفني مسجلا بأسمائهم، رغما عن أبطال العمل أيا كانت مكانتهم الفنية مثل أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد في الكتابة، ومحمد فاضل، يوسف شاهين وصلاح أبو سيف، وغيرهم من المخرجين

 

دراما وحاجات فوق بعض | الناقد بين الفنان والمشاهد (1)
وحيد حامد

بالتدقيق في تلك الأسماء نجد أنهم ينتمون لزمن سابق كان للقصة والمخرج السطوة الأولى، عكس الزمن الحالي حيث يباع العمل بإسم الممثل، والذي بدوره أخذ الحق في اختيار باقي عناصر العمل، والعديد منهم أصبح ينافس الكاتب، ويتدخل في عمله، والعديد منهم يضيف مشاهد كتبها بنفسه، ويتدخل في خط سير الأحداث والتدخل في شخصيات العمل الأخرى (وهو ما سنعود إليه بشكل مفصل لاحقا) ، من أجل ذلك قل تواجد الأعمال التي تصنف كأيقونات، رغم التطور التقني الكبير عكس السابق

 اقرأ أيضًا: فوق في الجو| حين يكون السقوط لبث الروح وضخ الحياة

وسائل الإعلام بتنوعها بين مقروء ومسموع ومرئي أو عبر المواقع الألكترونية، كل ما يشغلها هو جذب المتلقي، ومن أجل هذا الهدف فهي تذهب لمن أحدث ضجة عبر المواقع لتقدمه وتزيده بريقا حتى لو مستواه الفني ضعيف، بينما يفترض بها أن ترتقي بالذوق العام، ولكن الشاهد أنها تزداد به إنحطاطا، فالنقد الموضوعي سيفقدها متابعيها، وهو مالا تتحمله ماليا، لأن هدف كل تلك الوسائل "الربح". 

ولكن هل تحقيق هدف الربح والارتقاء بذوق المشاهد صعب إلى هذه الدرجة؟ في رأيي المتواضع لا، الموضوع ليس صعبا حال عقد ندوة ثقافية للعمل الفني، بحضور الكاتب والمخرج وأبطال العمل، للمناقشة والتوضيح. الحل بسيط لو صدقت النية، ولكن هو أمر أكاد أكون على يقين من انعدامه، لأن الهدف كما ذكرت مسبقا هو التغييب لإرضاء السلطة، وتحقيق الأرباح لصاحب وسيلة الإعلام

 

من أجل ذلك فإنها لا تلقي بالا لناقد، ونادرا ما يتواجد عبر وسائلها، ولا كرامة له سوى على صفحات الجرائد، أو عبر حسابه الخاص أو مدونته، ولإننا شعوب لا تقرأ، فالمحصلة النهائية تقريبا

الجمهور يبحث عن النجم، وعن الإثارة بخصوص حياة الفنان الخاصة، وياحبذا لو ارتبط إسم النجم بالفضائح، وهو ما تجيد تقديمه تلك الوسائل

رغم ما يقال عن الحقبة الناصرية وديكتتوريتها، لكن لا يمكن إنكار المستوى الثقافي المتميز لبرامج المنوعات، واستضافة نجوم الفكر والأدب بجانب الممثلين والممثلات، سواء بحضور الجمهور أو بدونه، وكان للتليفزيون المصري دور كبير في الارتقاء بذوق المشاهد. تلك الفترة كانت ثرية على جميع المستويات، وظلت على نفس الحال، إلى أن ظهرت الفضائيات والقنوات الخاصة، ولم تواكب الدولة ذلك التطور عن عند. فدخول القطاع الخاص المجال الإعلامي جعل الربح هو الهدف الأساسي، وتوارى الهدف التثقيف، واعتمدت برامج المنوعات على استضافة الفنانين ضعيفي أو عديمي الموهبة والاعتماد على تفاصيل حياتهم الخاصة لإنها مثيرة أكثر، وكلما زادت الفضائح كان عامل الجذب أكبر.

 

 

من دقيقة  48:30  إلى دقيقة 50:43


في الأعمال الفنية يتفاعل الجمهور في أغلبه مع الممثل أمام الكاميرا ، لا يعلم عن الكاتب أو مخرج العمل شيئا، ولا يهتم في معرفة رأي الناقد في العمل الفني، بل ربما لا يدري بوجود مايسمى ب "الناقد الفني"، هنا وسائل الإعلام سبب رئيسي في تلك الفجوة، يليها الناقد نفسه، حيث التقصير في التواصل مع المشاهد، خاصة مع تطور واختلاف وسائل التواصل الاجتماعي. يجب على الناقد أن يوجد وسيلة لتقريب أفكاره وآراءه للملتقى، فلا يمكن إنكار عزوف الجيل الحالي عن القراءة، لا يتحمل - مع الأسف - القراءة باللغة العربية، يريد لغة عامية بسيطة، وهي الحلقة المفقودة بين الناقد والمشاهد

لم يعد أغلب فناني الزمن الحالي كسابقيهم، من حيث الثقافة وفهم دوره، حال الفنان العربي الحالي مع الناقد، هي حالة انفصام تام وكامل، النجاح هو رأي الجمهور وفقط، وإذا تلقى نقدا لاذعا، فرأي جمهوره هو خط دفاعه الأول والأخير، عدد متابعيه على السوشيال ميديا هم أسلحته في المواجهة، وعلى الأغلب فهو لا يحتاج لتحفيزهم، فهم بمثابة الألتراس الأعمى يتبنون الدفاع والتبرير، والهجوم إذا لزم الأمر.

هذا الجيل مع الأسف بلا جذور، على العكس من سابقيه، ممن تتلمذوا على أيدي العظام من نجوم الدراما المصرية، وتوارثوا آداب المهنة جيلا بعد جيل، ولكن غياب الأساتذة عن الشاشة تسبب في وجود ممثلين بلا مرجعية

بالتأكيد يطرأ على القارئ سؤال هام؛ هل الناقد دائما محايد وموضوعي؟ الإجابة قطعا لا، فصحفي جريدة الأخبار الراحل نبيل عصمت كان دائم المدح لأعمال الممثلة نادية الجندي، في مبالغات فجة في حين كان يعلم الجميع أنها نجمة الأفلام التجارية، ولولا قيام زوجها السابق محمد مختار بالإنتاج لها، لما أصبح لها شأن، فموهبتها محدودة جدا وضعيفة واعتمدت بشكل كبير على المشاهد الجريئة.

هل نحن ضد النجاح الجماهيري؟ مؤكد لأ، ولكن إذا لم يلتفت النجم لرأي الناقد، فأنى له تطوير نفسه وأداءه؟ إن فهم دوره، وإن احترم جمهوره واستغل حبه له على الوجه الصحيح، فيجب ألا ينساق وراء التشجيع الأعمى، والا يكتفي به، بل هو في حاجة لسماع الآراء المخالفة حتى لو كانت متطرفة، لإنه بشكل أو بآخر ستوجد بعض النقاط الصادقة، لا لشئ إلا لأن الناقد يريد أن يبدو متوازنا أكثر منه مهاجما.  

من هنا لو تقبل الفنان النقد بصدر رحب، ولم يتهم الناقد بالتحيز أو عدم الموضوعي، ربما سهل على الألتراس الخاص به تقبل الانتقاد، ولربما ساهم في وعي المشاهد دراميا لترتقي العملية الفنية بمجملها

COMMENTS

الاسم

اتجاهات وأفكار,8,أحداث من التاريخ,4,أخبارعلمية,1,أسرار تاريخية,12,أعمال مترجمة,3,اقتصاد,8,اقتصاد عالمي,7,الشرق الأوسط,12,أمام العدسة,11,تاريخ,24,تحليلات إخبارية,16,ترجمات علمية,2,ثقافة وأدب,38,حكايات أدبية,4,دراسات ثقافية وأدبية,6,دراماتيك,11,روايات وكتب,12,رياضة,9,سياسة,47,سينما,13,شؤون مصرية,3,شخصيات تاريخية,7,شعر ونثر,17,علوم وتكنولوجيا,11,فلك وفضاء,3,فنون وسينما,32,قضايا معاصرة,19,كرة قدم,9,كمبيوتر وإنترنت,3,مسارات مختلفة,3,مساهمات القراء,39,مقالات وتحليلات,51,ملفات سياسية,42,
rtl
item
صفحة أخيرة: دراما وحاجات فوق بعض | الناقد بين الفنان والمشاهد (1)
دراما وحاجات فوق بعض | الناقد بين الفنان والمشاهد (1)
لا أملك معلومة موثقة عن حال الناقد الفني في بلاد الغرب، من ناحية تعامل نجوم وجمهور الدراما معه، هل الجمهور حريص على قراءة مقالاته النقدية
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhj1sPzS4SzQ7XAiuttvyHtESywXCPa1sYOuwMA9cOTfq7_LdibpgCr9oY_9nS6QN6HIgPDLuCQnKdOrOAz3lyV4EBjdvGoIxgQZU96HYsIRM6sgVC-6A0H8HKhL_1wi0icYPqTagh-NIyQ/w400-h240/%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2586%25D9%2582%25D8%25AF+%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2581%25D9%2586%25D9%258A.jpg
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhj1sPzS4SzQ7XAiuttvyHtESywXCPa1sYOuwMA9cOTfq7_LdibpgCr9oY_9nS6QN6HIgPDLuCQnKdOrOAz3lyV4EBjdvGoIxgQZU96HYsIRM6sgVC-6A0H8HKhL_1wi0icYPqTagh-NIyQ/s72-w400-c-h240/%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2586%25D9%2582%25D8%25AF+%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2581%25D9%2586%25D9%258A.jpg
صفحة أخيرة
https://www.saf7a-a5era.com/2021/09/drama-critic-viewer.html
https://www.saf7a-a5era.com/
https://www.saf7a-a5era.com/
https://www.saf7a-a5era.com/2021/09/drama-critic-viewer.html
true
4387532385212111926
UTF-8
Loaded All Posts Not found any posts VIEW ALL Readmore Reply Cancel reply Delete By Home PAGES POSTS View All RECOMMENDED FOR YOU LABEL ARCHIVE SEARCH ALL POSTS Not found any post match with your request Back Home Sunday Monday Tuesday Wednesday Thursday Friday Saturday Sun Mon Tue Wed Thu Fri Sat January February March April May June July August September October November December Jan Feb Mar Apr May Jun Jul Aug Sep Oct Nov Dec just now 1 minute ago $$1$$ minutes ago 1 hour ago $$1$$ hours ago Yesterday $$1$$ days ago $$1$$ weeks ago more than 5 weeks ago Followers Follow THIS PREMIUM CONTENT IS LOCKED STEP 1: Share to a social network STEP 2: Click the link on your social network Copy All Code Select All Code All codes were copied to your clipboard Can not copy the codes / texts, please press [CTRL]+[C] (or CMD+C with Mac) to copy Table of Content